تمثل الانتخابات المزمع إجرائها في 23 فبراير 2025 المقبل نقطة تحول حاسمة، ليس فقط لألمانيا، بل لأوروبا والعالم.
التغيرات المحتملة في سياسات برلين ستؤثر على الاقتصاد الأوروبي، ومستقبل اليورو، والتجارة مع الولايات المتحدة، والموقف من الحرب في أوكرانيا؛ مع صعود التيارات الشعبوية واليمينية، أمام ذلك، يظل التحدي الأكبر هو الحفاظ على استقرار أكبر ديمقراطية في الاتحاد الأوروبي.
تحتل المانيا موقعًا محوريًّا في أوروبا، سواء من حيث التجارة أو السياسة، نظرًا لحجمها الكبير واستقرارها الاقتصادي والسياسي لعقود واعتماد الاتحاد عليها في العديد من المجالات.
لكن الانتخابات قد تشكل تحديًا لهذا الاستقرار، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم كبير لليمين، لا سيما اليمين المتطرف، مقارنةً بانتخابات 2021، وفق ما ذكر تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية.
تحولات في المشهد السياسي
تشير التوقعات إلى أن حزب “البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف سيُحقق مكاسب كبيرة، ليُصبح ثاني أكبر قوة سياسية في البرلمان (البوندستاج).
هذا الحزب، الذي يُنظر إليه على أنه يميني متطرف وسلطوي، يدعو في برنامجه الانتخابي لعام 2025 إلى خروج ألمانيا من منطقة اليورو واستئناف استيراد الغاز الروسي.
وفي الوقت نفسه، يواصل تحالف حزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي (الحزب الذي قادته أنجيلا ميركل سابقًا) في تعزيز موقعه، بينما تتراجع أحزاب اليسار، ومن المتوقع أن تحصل الأحزاب المتطرفة، سواء من اليمين أو اليسار، على أكبر نسبة من الأصوات منذ أكثر من عقدين.
على الرغم من أن ألمانيا ليست أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي من حيث المساحة، إلا أنها الأكثر سكانًا، حيث يبلغ عدد سكانها 84.5 مليون نسمة، أي ما يعادل مجموع سكان 17 من أصغر دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة.
اقتصاديًا، لا تزال ألمانيا القوة الأكبر في أوروبا، لكن اقتصادها بدأ يظهر علامات التراجع بعد سنوات من التفوق على جيرانها، وفي عام 2023، سجل الاقتصاد الألماني نموًا سالبًا، خلافًا لفرنسا، إيطاليا والمملكة المتحدة.
تشكل هذه التحولات السياسية مصدر قلق للاتحاد الأوروبي، حيث تعد ألمانيا أكبر مساهم صافي في ميزانيته، ولديها دور محوري في استقرار اليورو.
ويسعى حزب البديل من أجل ألمانيا إلى خفض مساهمات ألمانيا في الاتحاد الأوروبي، وحتى الخروج من منطقة اليورو، ما قد يؤدي إلى اضطرابات اقتصادية وسياسية داخل الكتلة.
مع تصاعد الحمائية التجارية عالميًا، يهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية على الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى حجم السيارات الأوروبية المصدرة للولايات المتحدة؛ وألمانيا باعتبارها أكبر مصدر للسيارات في أوروبا، ستكون الأكثر تأثرًا بهذه السياسات.
أما على الصعيد الأمني، فقد كانت ألمانيا أكبر مساهم أوروبي في دعم أوكرانيا ضد روسيا، حيث قدمت، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، مساعدات بقيمة 115 مليار يورو.
لكن صعود الأحزاب اليمينية والشعبوية قد يؤدي إلى تغيير في موقف برلين تجاه كييف، خاصة أن بعض هذه الأحزاب تدعو لإنهاء الدعم لأوكرانيا ورفع العقوبات عن روسيا.