جاء البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية التي انعقدت في الدوحة في 15 سبتمبر 2025 كردّ فعل على الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على حيّ سكني في العاصمة القطرية. وُصف الهجوم بأنه اعتداء مباشر على سيادة دولة عضو في الأمم المتحدة، استهدف مناطق تضم مقارّ دبلوماسية ووفود وساطة. الحدث مثّل سابقة خطيرة استوجبت تحركًا سياسيًا جماعيًا البيان يستدعي جملة من الملاحظات ابرزها :
أولًا: لهجة غير معهودة
تميز البيان بلغة شديدة اللهجة، تُدين إسرائيل صراحةً بمصطلحات مثل "الإبادة الجماعية" و"التطهير العرقي" و"العدوان الغادر"، وهو ما يعكس تصعيدًا غير معتاد في الخطاب الرسمي العربي والإسلامي. لكن هذه اللغة لم تُترجم إلى قرارات تنفيذية ملموسة، وهو ما يضعف من تأثير البيان سياسيًا.
ثانيًا: مراجعة العلاقات... ولكن
البيان أشار إلى احتمال مراجعة العلاقات مع إسرائيل، في خطوة رمزية مهمة تعكس انزعاجًا عربيًا وإسلاميًا واضحًا من تجاوزات تل أبيب، خصوصًا في ظل غياب المساءلة الدولية. لكن لم يصدر أي قرار فعلي بقطع علاقات، أو تعليق اتفاقيات، ما يجعل هذا التهديد نظريًا حتى إشعار آخر.
ثالثًا: قطر في قلب المشهد
القمة جاءت لتعزيز الموقف القطري ودعمه سياسيًا ودبلوماسيًا. وأُشيد بدورها كوسيط، في رسالة واضحة بأن استهداف الدولة المضيفة لم يؤثر على مكانتها، بل رفع من رصيدها الإقليمي والدولي. الهجوم على الدوحة لم يُفهم فقط كعدوان، بل كمحاولة لتعطيل جهود الوساطة، ما أضفى على الموقف بعدًا أخلاقيًا.
رابعًا: العودة إلى فلسطين
أعاد البيان التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، ورفض مشاريع الضم والتهجير، ودعا إلى إنهاء الاحتلال ضمن حل الدولتين. اللافت أن فلسطين عادت لتكون معيارًا للمواقف الإقليمية، بعد سنوات من التراجع التدريجي لصالح الملفات الثنائية أو التحالفات المؤقتة.
خامسًا: غياب الأفعال
رغم الحشد السياسي الكبير، خلا البيان من أي خطوات عملية: لا عقوبات، لا تجميد للعلاقات، لا تحرك قانوني جماعي في المحافل الدولية. حتى في بند إعادة إعمار غزة، لم يُعلن عن آلية تمويل واضحة أو جدول زمني.
الاكيد ان بيان الدوحة هو موقف سياسي واضح وغاضب، لكنه في النهاية بيان بلا أدوات ضغط حقيقية. قوته في لغته، وضعفه في غياب القرار. ما لم تتحول هذه النبرة إلى سياسات ملموسة، سيُسجّل البيان ضمن سلسلة بيانات الشجب، دون أثر فعلي في موازين القوى.
شمس اليوم نيوز