وصف المدون

عاجل الأن

 





تعيش فرنسا لحظة سياسية فارقة قد تعيد رسم المشهد الحزبي وتفتح الباب أمام أزمة دستورية غير مسبوقة، وذلك على خلفية إعلان رئيس الحكومة، فرانسوا بايرو، عزمه طرح الثقة بحكومته أمام الجمعية الوطنية في 8 سبتمبر الجاري، بموافقة من رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون. وتأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد التوترات السياسية حول مشروع الميزانية التقشفية التي أعدتها الحكومة، ما ينذر باحتمال سقوطها وفقدان البلاد توازنها السياسي في مرحلة حساسة.

أزمة ميزانية أم أزمة حكم؟

اللبّ الأساسي للأزمة هو مسودة الميزانية الجديدة، التي تتضمن خطة تقشف قاسية تشمل خفضاً في النفقات بقيمة 30 مليار يورو، إلى جانب ضرائب إضافية تقدر بـ 13.8 مليار يورو. وتهدف هذه الخطة إلى مواجهة الدين العام الفرنسي المتفاقم، والذي بلغ 3.345 تريليون يورو، يُرتب على الدولة فوائد سنوية تناهز 55 مليار يورو، وهي مرشحة للزيادة نتيجة ارتفاع معدلات الفائدة المستمر.

لكن الطرح الحكومي قوبل برفض واسع، ليس فقط من المعارضة، بل حتى من داخل بعض أوساط الأغلبية، ما جعل حكومة بايرو في وضع هش سياسياً، خصوصاً في ظل غياب الأغلبية المطلقة أو حتى النسبية في الجمعية الوطنية.

تحالفات المعارضة: جبهة رفض واسعة

أعلنت الأحزاب المعارضة، من اليمين واليسار، أنها ستصوّت ضد منح الثقة للحكومة، وهو ما يعني فعلياً إسقاطها. وتشكّل المعارضة حالياً جبهة قوية من:

  • اليمين المتطرف (التجمع الوطني): 123 نائباً

  • اتحاد قوى اليمين من أجل الجمهورية: 15 نائباً

  • فرنسا الأبية: 71 نائباً

  • الحزب الاشتراكي: 66 نائباً

  • الحزب الشيوعي: 17 نائباً

  • الخضر: 38 نائباً

أي ما مجموعه 330 نائباً، ما يعادل 57% من مقاعد الجمعية الوطنية، ما يعني أن إسقاط حكومة بايرو شبه محسوم.

ما بعد السقوط: فراغ سياسي وتحديات اقتصادية

في حال سقوط الحكومة، من المرجح أن يتقدم بايرو باستقالته إلى الرئيس ماكرون، ما يدخل البلاد في حالة من الفراغ الحكومي، في وقت لا تزال فيه الميزانية الجديدة عالقة ولم تُعتمد بعد. هذا السيناريو سيزيد من الضغوط الاقتصادية على فرنسا، ويجعل أسواق المال أكثر قلقاً، خصوصاً في ظل أزمة الثقة في الأداء الحكومي، والتحديات الاجتماعية التي قد تتفاقم نتيجة السياسات التقشفية المقترحة.

خيارات ماكرون: حل البرلمان أم تشكيل حكومة جديدة؟

في هذا السياق، سيكون على الرئيس ماكرون اتخاذ قرار مفصلي، بين:

  1. حل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة.

  2. تعيين شخصية توافقية لتشكيل حكومة جديدة قادرة على تمرير الميزانية.

  3. اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور لتمرير الميزانية دون تصويت، ما قد يفتح الباب أمام تصويت لحجب الثقة.

لكن جميع هذه السيناريوهات محفوفة بالمخاطر، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية.

والسؤال المطروح الآن: هل يمكن لماكرون أن يمتص الصدمة ويعيد ترتيب البيت الداخلي، أم أن فرنسا مقبلة على تغيير جذري في المشهد السياسي؟


شمس اليوم نيوز 

إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع

Back to top button

يمكنكم متابعتنا

يمكنكم متابعتنا