تعيش ليبيا لحظة سياسية فارقة بعد موجة الاستقالات التي هزّت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة اليوم الجمعة. ففي مشهد غير معتاد، أعلن عدد من الوزراء والمسؤولين رفيعي المستوى استقالاتهم بشكل متزامن منهم-وزير الصحة رمضان أبو جناح ٫وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي وابو بكر الغاوي وزير الأسكان والتعمير وغيرهم مما أثار تساؤلات جدية حول مصير الحكومة ومستقبل المرحلة الانتقالية في البلاد.
هذه التطورات تأتي في ظل تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية، وتزايد الانتقادات الموجهة لأداء الحكومة، واتهامات بالتقصير في الملفات الأمنية والاقتصادية، ناهيك عن اتهامات بالفساد وسوء إدارة المال العام. ولا يخفى على أحد أن الحكومة، منذ تسلمها زمام الأمور، فشلت في توحيد المؤسسات، وتحقيق وعودها بإجراء انتخابات حرة ونزيهة في مواعيدها المحددة.
لكن، هل تعني هذه الاستقالات نهاية فعلية لحكومة الدبيبة؟ أم أنها مجرد إعادة ترتيب أوراق داخلية واستجابة لضغوط سياسية محلية؟ البعض يرى أنها تمهيد لإعادة تشكيل حكومة جديدة أو توافقية، خصوصاً في ظل الحديث المتنامي عن مبادرات تقودها أطراف دولية لإيجاد مخرج للأزمة المستمرة.
الواقع أن الحكومة باتت في موقف هش، ويصعب تخيل استمرارها بصيغتها الحالية دون تغييرات جذرية. ومع تزايد دعوات التغيير، يصبح السيناريو الأكثر ترجيحاً هو دخول البلاد في مرحلة سياسية انتقالية جديدة، قد تفضي إما إلى تشكيل حكومة تكنوقراط، أو إلى توافق سياسي أوسع يشمل جميع الأطراف المتصارعة.
في كل الأحوال، ما جرى اليوم الجمعة لا يمكن اعتباره حدثاً عادياً، بل محطة فارقة سيكون لها ما بعدها. ويبقى السؤال الأهم: هل ستلتقط النخبة السياسية الليبية هذه اللحظة لتصحيح المسار، أم أن البلاد مقبلة على جولة جديدة من الفوضى والتجاذبات؟
شمس اليوم نيوز