شمس اليوم نيوز-القسم السياسي - في ظل تطورات إقليمية متسارعة، يعود الحديث بقوة عن رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، وسط تساؤلات حول مدى تأثير هذه الخطوة في إخراج البلاد من أزمتها المركّبة. وبين من يعتبرها بداية لانفراج اقتصادي مرتقب، ومن يرى أنها مجرد تغير في الأسلوب لا الجوهر، يبقى الواقع السوري محكًا حقيقيًا لاختبار النوايا والسياسات.
فرص اقتصادية في الأفق
يُتوقع أن يفتح رفع العقوبات الباب أمام عودة تدريجية للحركة التجارية مع الخارج، مما قد يُساهم في تحسين الوضع المعيشي المتردي وتوفير بعض السلع الأساسية التي باتت نادرة أو باهظة الثمن. كما أن فك القيود عن التحويلات المالية قد يعزز قدرة السوريين في الخارج على دعم ذويهم، في بلد يعتمد ملايين من سكانه على الحوالات كمصدر رئيسي للدخل.
التطور الأهم قد يكون في تحريك عجلة الاستثمار. فمع رفع القيود الدولية، تصبح الفرصة مهيّأة لعودة رجال الأعمال والمستثمرين العرب، خصوصًا من دول الخليج، إلى السوق السوري. لكن هذه العودة مرهونة بتحسين بيئة العمل وضمان الشفافية القانونية والإدارية، وهي معايير لا تزال محل شك لدى كثير من الأطراف الدولية.
ورغم هذه الفرص، يرى مراقبون أن العقوبات ليست سوى أحد أوجه الأزمة السورية، وأن رفعها لا يعني تلقائيًا بداية مرحلة تعافٍ. فالفساد، وغياب الإصلاحات الهيكلية، وتآكل الثقة في مؤسسات الدولة، تُعد تحديات أكبر قد تعيق أي تقدم فعلي. كما أن الشارع السوري لا يزال متشككًا في مدى استفادة المواطن العادي من أي انفراجة اقتصادية، في ظل مركزية القرار الاقتصادي واحتكار الثروة من قبل قلة نافذة.
رسائل سياسية بأبعاد اقتصادية
ولا يغيب عن المشهد البُعد السياسي لهذه الخطوة، إذ يعتبرها البعض مؤشّرًا على تحول في المواقف الدولية تجاه النظام السوري، وسعيًا لإعادة دمجه تدريجيًا في المشهد الإقليمي. وقد يكون ذلك جزءًا من صفقة أوسع تشمل ملفات الأمن، واللاجئين، والحدّ من النفوذ الإيراني. إلا أن هذه التحركات لا تزال تصطدم برفض غربي واسع لأي تطبيع دون حل سياسي شامل وفق قرارات الأمم المتحدة.
الثابت ان رفع العقوبات عن سوريا قد يشكّل منعطفًا مهمًا في مسار الأزمة، لكنه وحده لا يكفي. فطريق التعافي طويل وشائك، ويستلزم إرادة سياسية حقيقية، وإصلاحًا جذريًا من الداخل، وتعاونًا دوليًا متوازنًا، يضع مصلحة الشعب السوري فوق كل اعتبار.