وصف المدون

عاجل الأن






هل يمكن أخذ التهديدات التي أطلقها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب باستخدام القوة العسكرية لضم قناة بنما وغرينلاند على محمل الجد؟

وكان ترامب يعتزم التحدث حول السياسة الاقتصادية في مؤتمر صحفي عقده يوم الثلاثاء الماضي تعهد  فيه بفرض ضم كندا من خلال الضغط الاقتصادي، وإجبار أوروبا على مضاعفة إنفاقها العسكري مقابل “الحماية” من الولايات المتحدة. كما هدد قائلا “سنغير اسم خليج المكسيك إلى خليج أميركا”. وقد نسى ترامب او يتناسى ان الولايات المتحدة قد انتزعت من المكسيك بقوة السلاح كاليفورنيا وتكساس وأريزونا ونيو مكسيكو ونيفادا ويوتاه وكولورادو. في عام 1848.

وعندما سُئل عما إذا كان سيستخدم “الإكراه العسكري” لضم بنما وغرينلاند، أجاب بأنه سيفعل ذلك، مضيفًا: “نحتاج إليهما من أجل الأمن الاقتصادي”. وكان ترامب قد أعلن قبل عيد الميلاد أنه "لأغراض الأمن القومي والحرية في العالم، تشعر الولايات المتحدة الأميركية أن امتلاك غرينلاند والسيطرة عليها ضرورة مطلقة".

وعند سؤاله من قبل صحفي لتوضيح إشاراته السابقة إلى كندا باعتبارها "الولاية الحادية والخمسين"، أكد ترامب تهديداته التوسعية، مشيرًا إلى الحاجة إلى “التخلص من ذلك الخط المصطنع” بين كندا والولايات المتحدة. وقد وصل الأمر بترامب أنه نشر على موقعه على منصته الخاصة خريطة للولايات المتحدة تضم كندا. وكان ترامب قد هدد بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المئة على السلع الكندية والمكسيكية بمجرد توليه الرئاسة. وردّ رئيس الوزراء الكندي المستقيل جاستن ترودو على ترامب بتأكيد أن "كندا لن تكون أبداً، على الإطلاق، جزءاً من الولايات المتحدة"، فيما علقّت وزيرة خارجيته ميلاني جولي بأن "تصريحات الرئيس المنتخب ترامب تظهر عدم فهم كامل لكون كندا بلد قوي. لن ننحني أبداً في مواجهة التهديدات".

كما ردّت رئيسة وزراء الدانمارك ميتي فريدريكسن على ترامب، بتأكيد أن غرينلاد "ليست للبيع، وهي ملك لأهلها". وحثت على «احترام شعب غرينلاند، فهي بلدهم وهي وحدها القادرة على تقرير مستقبلها». وكان رئيس وزراء غرينلاند ميوتي إيجيدي قد أكد أن الجزيرة ليست للبيع، مشيراً إلى تطلعها للاستقلال عن الدانمارك.

ترامب الذي ينطلق في تهديداته من الصلاحيات التي يحظى بها بعد فوزه الساحق في الانتخابات وسيطرة حزبه الجمهوري على الكونغرس الأميركي بمجلسيه النواب والشيوخ وأيضا المحكمة العليا وأيضا على مستوى حكام الولايات قد ينفذ تهديده للسيطرة على غرينلاند حيث توجد فيها قاعده عسكريه أميركية عملاقه بحكم انها تحت مظلة حلف الناتو . ومساحد غربنلاند تعادل ربع مساحة الولايات المتحدة فيما يبلغ عدد سكانها 57 ألف نسمة فقط قد يلجأ ترامب إلى رشوتهم بالمال.

كما رفض ترامب استبعاد هجوم أميركي شامل على إيران، وهدد بشن حرب شاملة في المنطقة العربية ما لم يتخل الفلسطينيون عن مقاومتهم لكيان العدوان الصهيوني، قائلاً: “الجحيم كله سينفجر”.


وكان ترامب قد استغل خلال حملته الانتخابية المعارضة الشعبية للحرب في أوكرانيا، متهمًا بايدن بإشعال “الحرب العالمية الثالثة”، مشيرًا إلى الانخفاض الهائل في مستويات المعيشة للعمال وسط أزمة تكلفة المعيشة المتزايدة التي تفاقمت بسبب الحروب ضد روسيا وفي المنطقة العربية.


والآن، ومع اقترابه من تولي الرئاسة، يوضح ترامب الأهداف الحقيقية لإدارته، التي ستكون مكرسة لشن الحروب على نطاق غير مسبوق. انتقاده للحرب في أوكرانيا ينبع من خلافات تكتيكية داخل المؤسسة الأميركية الحاكمة. لكن تهديده بأن “الجحيم كله سينفجر” في المنطقة العربية (الشرق الأوسط) يؤكد أن إدارته ستشهد تصعيدًا يوميًا للأزمات والحروب العالمية


جزء أساسي من مساعي إدارة ترامب للهيمنة العالمية هو السعي لإعادة تنظيم الأميركيتين تحت الهيمنة المباشرة للولايات المتحدة، على غرار الضم الذي قام به الزعيم الألماني النازي أدولف  هتلر بين النمسا وألمانيا في عام 1938. يسعى ترامب إلى تعزيز قاعدة قوة أمريكا في جوارها القريب، وهو ما يُعتبر ضروريًا لإسقاط القوة ضد الصين الذي تعتبره واشنطن منافسها وخصمها الرئيسي. تصريحات ترامب بشأن ضم غرينلاند، وبنما، وكندا وإجبار حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين على دفع الأموال مقابل الحماية، تأتي في إطار صراع عالمي، خاصة ضد الصين.


تعتبر كندا وغرينلاند، بمواردهما المعدنية الكبيرة واحتياطيات الطاقة وإمكانية الوصول إلى الممرات البحرية في القطب الشمالي، ذات أهمية حاسمة لهذا الجهد، وكذلك قناة بنما، التي تعد نقطة اتصال مركزية بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ. 


ترامب يعلن أن الحقبة التي كانت فيها العمليات العسكرية الأميركية مقيدة بأي قيود قانونية أو بمظهر من مظاهر “القانون الدولي” قد انتهت. من الآن فصاعدًا، يسود قانون الغاب، حيث “يفعل الأقوياء ما يريدون، ويعاني الضعفاء ما يجب أن يعانوه.”

تصريحات ترامب تمثل رصاصة الرحمة لكل الادعاءات بأن عصر الإمبريالية قد انتهى. ويبدو أن الرئاسة الثانية لترامب تمثل تتويجًا لأكثر من ثلاثة عقود من الحروب الأميركية المستمرة التي بدأت بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، بهدف ضمان الهيمنة الاقتصادية والعسكرية للولايات المتحدة. جورج بوش الأب أعلن عن “النظام العالمي الجديد” الذي لن تكون فيه أي قيود على هيمنة القطب الواحد المطلقة وهو الولايات المتحدة على العالم.

خلال العقود التالية، شنت الولايات المتحدة عدوانها على العراق مرتين انتهى باحتلاله في عام 2003، وقسمت يوغوسلافيا إلى دول صغيرة، وغزت واحتلت أفغانستان، وزعزعت استقرار وأطاحت بحكومات ليبيا وسوريا، وأشعلت حربًا مع روسيا بشأن أوكرانيا، وهي الآن في خضم إعادة تنظيم المنطقة العربية بمشاركتها ودعمها للعدوان الصهيوني على قطاع غزة حيث تجري عمليات إبادة جماعية لسكان القطاع الذي دمره العدوان .

على مدار هذه الفترة، غلفت الولايات المتحدة أهدافها العدوانية بلغة “حقوق الإنسان” و”تقرير المصير الوطني”، أو كما فعل جورج بوش الابن عند إطلاق “الحرب على الإرهاب”، كمبرر للرد على “الإرهاب”. لكن ترامب يتخلى عن أي مظهر من مظاهر الدفاع أو الإنسانية في حروب أميركا العدوانية. الولايات المتحدة لديها أكبر جيش وأقوى قوة اقتصادية، وستستخدمهما لفرض ما هو في الأساس جزية إمبريالية على “حلفائها”، مع التوسع والضم الإقليمي.

في هذا السياق، أكدت تصريحات ترامب خلال المؤتمر الصحفي ما قاله أحد مستشاريه لصحيفة واشنطن بوست، حيث أوضح المنطق وراء تهديداته. وذكرت الصحيفة أن “المهمة الشاملة لمواجهة روسيا والصين هي الخيط المشترك الذي يربط بين تعليقات ترامب بشأن كندا، والمكسيك، وغرينلاند، وبنما.

ونقلت الصحيفة عن الباحث والمحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ريان بيرغ، قوله “هناك قلق من النفوذ الصيني في القناة وموثوقية العمليات الأميركية”، مضيفًا: “قد تكون إحدى الطرق الرئيسية لنشر السفن البحرية الأمريكية من الأطلسي إلى المحيط الهادئ في حالة طوارئ تتعلق بمصالح الأمن القومي – مثل تايوان. وأكد ترامب هذا التقييم في المؤتمر الصحفي قائلاً: “الصين تدير قناة بنما.” وأضاف: “تم بناء قناة بنما ن أجل جيشنا.” وقد نفى رئيس بنما خوسيه راؤول مولينو مزاعم ترامب بأن الصين تمارس سيطرة علنية على القناة قائلا "ليس للقناة سيطرة مباشرة أو غير مباشرة لا من الصين ولا من المجموعة الأوروبية ولا من الولايات المتحدة أو أي قوة أخرى." وقال إن "كل متر مبع من قناة بنما والمناطق المتاخمة لها هو ملك لبنما وسيظل تابعا لها".


كما أكد ترامب تقريرًا نُشر في صحيفة فايننشال تايمز في ديسمبر بشأن تهديداته بقطع المساعدات العسكرية لأوكرانيا إذا لم تضاعف الدول الأعضاء في الناتو إنفاقها العسكري. وذكرت الصحيفة أن ترامب سيطالب دول الناتو بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، لكنه يخطط لمواصلة تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا. ويعرض ترامب سياسته تجاه أوروبا في شكل "حماية" شبيهة بالابتزاز حيث يتم استخدام الحرب التي تشن على روسيا والصين كإطار لابتزاز الجزية من حلفاء الولايات المتحدة الذين يعاملون بشكل متزايد كدول تابعة. وقال ترامب في مؤتمره الصحفي الثلاثاء الماضي "أوروبا تساهم بجزء ضئيل جدًا من الأموال التي نساهم بها الآن. قلت لهم: يجب أن تدفعوا فواتيركم. … أعتقد أن الناتو يجب أن يكون عند نسبة 5 في المئة، ليس 2 في المئة. … إذا لم ندفع فواتيرنا، هل ستقوم الولايات المتحدة بحمايتنا من روسيا؟ … إذا لم تدفعوا، فهذا يعني أنكم متخلفون. وإذا كنتم متخلفين، فلن نحميكم."


واشنطن-محمد دلبح





إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع

Back to top button

يمكنكم متابعتنا

يمكنكم متابعتنا