سرقة الورث تعد من أبشع صور الظلم التي يمكن أن تحدث داخل الأسرة، إذ أن الميراث يعتبر حقًا شرعيًا وواجبًا دينيًا منحه الله للإنسان بعد وفاته، إلا أن البعض يتعدى على هذا الحق ويحاول سرقة نصيب الآخرين في الميراث. يعتبر هذا الفعل غير قانوني وغير أخلاقي، حيث يسبب العديد من المشاكل والخلافات داخل الأسرة.
الميراث في الإسلام موضوع محكوم بقوانين دقيقة ومحددة، حيث أن الله سبحانه وتعالى قد قسم الميراث بنصيب محدد لكل فرد من أفراد الأسرة. في هذا السياق، يعتبر التلاعب أو الاستيلاء على الميراث جريمة تتنافى مع العدالة، وتؤدي إلى ظلم واضح للأفراد الذين حرموا من حقوقهم. هذا الظلم لا يقتصر فقط على المساس بالحقوق المالية، بل يمتد ليشمل أيضًا تدمير العلاقات الأسرية، إذ ينشأ بسبب ذلك العديد من النزاعات والخلافات التي قد تستمر لسنوات طويلة.
أسباب سرقة الورث متعددة، فقد يكون بعض الأشخاص غير مدركين لحقوقهم في الميراث، مما يجعلهم عرضة للاستغلال أو التلاعب. كما أن الطمع والجشع يدفعان بعض الأفراد للاستيلاء على ما ليس لهم، معتقدين أنهم يستطيعون الاستفادة من ممتلكات المتوفى بما يتجاوز نصيبهم الشرعي. وقد تحدث هذه التصرفات أيضًا تحت ضغط من أفراد آخرين في الأسرة أو بسبب غياب رقابة قانونية كافية.
تترتب على سرقة الورث آثار سلبية عديدة، ليس فقط على مستوى الأفراد الذين تعرضوا للظلم، ولكن أيضًا على المستوى الاجتماعي والعائلي.
إذ تساهم هذه الأفعال في نشر روح الكراهية والتفرقة بين أفراد الأسرة، مما يؤدي إلى تدمير العلاقات وإحداث فجوات كبيرة يصعب تجاوزها. علاوة على ذلك، فإن الظلم الذي يتعرض له البعض في هذه الحالات يسبب لهم شعورًا بالغضب والحرمان، ويؤثر في حياتهم الشخصية والمستقبلية.
من جانب آخر، لا يغفل الله سبحانه وتعالى عن حقوق الناس. فقد نصت الشريعة الإسلامية على أن أي شخص يسرق أو يتلاعب في الميراث سيحاسب حسابًا عسيرًا في الآخرة، حيث يوضح الحديث الشريف أن "من أخذ مالًا بغير حقه فليتبوأ مقعده من النار". هذا يؤكد أن العدالة الإلهية لا يمكن أن تغفل عن الحق، مهما طال الزمن.
من الناحية القانونية، تجرم قوانين العديد من الدول سرقة الورث وتعاقب عليها، حيث يعتبر التلاعب أو الاستيلاء على الميراث جريمة قانونية يعاقب عليها بالقانون. وبالتالي، فإن الشخص الذي يتعرض لسرقة ميراثه يملك الحق في اللجوء إلى القضاء لاسترداد حقوقه، ويحظى بحماية قانونية من أي محاولة لظلمه.
للتعامل مع سرقة الورث، من الضروري أن يتم توثيق الميراث بشكل قانوني لضمان توزيع الحقوق بشكل عادل بين جميع أفراد الأسرة. كما يجب على الأفراد أن يكونوا على دراية بحقوقهم المقررة في الميراث، سواء كانت هذه الحقوق محددة بموجب الشريعة الإسلامية أو قوانين الدولة. وفي حال حدوث أي تعدٍ على الميراث، يجب التوجه إلى القضاء من أجل استعادة الحقوق المسلوبة.
في النهاية، سرقة الورث ليست فقط جريمة قانونية، بل هي أيضًا ظلم ينعكس سلبًا على الأسرة والمجتمع. من المهم أن يتمسك الجميع بالعدالة والاحترام المتبادل وأن يعملوا على نشر الوعي بحقوق الميراث، سواء من خلال المعرفة القانونية أو بالاستناد إلى الشريعة الإسلامية.
بقلم فوزية احمد الصالحين الهوني