وصف المدون

عاجل الأن



لانملك منذ البداية كلمات للتعبير عنها، تنظر الأسطورة في قلب الصمت الكبير" باحثة وكاتبة انجليزية مقتطف من كتابها 

تاريخ الأسطورة

الأسطورة هي قصة حقيقية تقوم على عنصر حقيقى. هذا العنصر الحقيقى هو مركز الأسطورة. ثم تأتى الأجيال المتعاقبة لتتناول تلك القصة الحقيقية وتغلف ذلك المركز الحقيقى بقشور هي في الحقيقة من بنات أفكار تلك الأجيال أو معتقداتها. فإذا حاول الدارس للأسطورة أن ينزع تلك القشور واحدة بعد الأخرى فإنه سوف يصل بلا شك إلى عنصر الحقيقة التي تكونت منها الأسطورة في الأصل.

عادة تنسب الأسطورة إلى المراحل الأولى لتطور الفكر الإنساني والحضارة الإنسانية قبل ظهور الفلسفة علم العلوم، في تفكير الإنسان البدائي الذي وجد نفسه في بيئة متنوعة ومختلفة يريد ان يتعرف فيها على مفردات هذه البيئة كيف يتعامل معها ويحصل حاجاته الأساسية كيف يؤمن نفسه فيها من الاخطار المحدقة بها كيف يفهم صلته بالبشر من حوله وكيف يتفاعل معهم كيف يفهم الكواكب والنجوم وليدعم وجوده كيف خلق ولماذا؟ كل هذ الاسئلة التي يطرحها تحتاج إلى مجهود عقلي وتفكير متواصل ليتمكن من الاجابة لكن تبقى الاجابة حسب قدرته وفهمه ووعيه هنا كان للاسطورة دورما يمكن ان يطلق عليه الفكر الاسطوري الذي يبحث عن الاجابات الوجودية لذلك كانت الاسطورة هي المجال الوحيد الذي ينهل منه الانسان حول الكون والوجودواسباب نشوءالظواهر الكونية مثل الولادة والموت والمرض والكوارثالطبيعية لذلك لايمكن النظر الى الاسطورة على أنها وهم وخيال لاأساس له في الواقع لذلك وجدنا الاسطورة في كل الحضارات ولازالت حتى في العصر الحديث لها حضورها بشكل عام 

أما الأسطورة السياسية فهي مجال موضوعنا اليوم


الأسطورة السياسية:

وصف كريستوفر جي فلود تعريفاً عملياً للأسطورة السياسية على أنها " سردية مختومة أيديولوجياً بفرض خلق سردية  متماسكة لتفسير مجموعة من الأحداث السياسية الماضية أو الحالية أو المتوقعة، والتي يتم قبولها باعتبارها حقيقة في جوهرها من قبل مجموعة اجتماعية".

من أشهر الأمثلة على الأساطير السياسية القدر المتجلي، ماهو القدر المتجلي؟ القدر المتجلي أو القدر الساطع أو المصير الواضح (بالإنجليزية: Manifest destiny)‏ هو إيمان ثقافي بأن على المستوطنين الأمريكيين التوسع عبر أمريكا الشمالية"، " كما يصفه وزير بروستنتي" وفي عام 1630 كتب وزير بروتستانتي يُدعى جون كوتون:

«لا تملك أي أمة الحق في طرد الآخر، إن لم يكن من قبل تصميم خاص من السماء كما حدث مع إسرائيل من ظلم المواطنين لها مما اضفى شرعية الحرب ضدهم لاخضاعهم لها.» صراع الحضارات والأساطير القومية.

 في العام 1973م كتب توماس لاندون  ثورسون في ص 4 من كتابه " تاريخ النظرية السياسية" إن القدرة على خلق الأسطورة للتأثير على الأخرين هي سمة من السمات المهمة كما فعل افلاطون في الجمهورية.

ووفقاً لهنري تيودور، فإن مايطبع الأسطورة بطابع سياسي، هو كون موضوعها سياسي، ومن أجل إعادة صياغة  السردية السياسية كأسطورة، ينبغي أن يتم سرد الأحداث بشكل درامي مثير، ويجب كذلك أن يخدم حجة عملية".

يعرِّف تيودور الشكل الدرامي ، مشيراً إلى أن " هناك حدثاً حاسماً، يستطيع الناس بالرجوع إليه تنظيم تجربتهم الحالية لكن الأحداث المذكورة يُعتقد أنها قد حدثت في الماضي.

هنا يفرضُ سؤالٌ مهم نفسَه في هذا السياق:

كيف يمكن فهم آلية عمل الأسطورة السياسية بشكل أفضل؟

الإجابة:  عندما يتم تقسيمها إلى المكونات التالية:

(1) أسطورة توفر الحجة النظرية.

 (2) عقيدة أيديولوجية تدعم الأسطورة من خلال تقديم حجة عملية.

مالفرق  بين الأسطورة والخرافة؟

الأسطورة تختلف عن الخرافة لأن فيها بعض الحقائق التاريخية كقصة طروادة مثلا أو قصة الأبطال كعنترة بن شداد العبسي أو سيف بن ذي يزن أو مايماثلها جميعاً. ومن هنا نرى أن فيكتور هوجو( شاعرفرنسا الشهير وصاحب رائعة البؤساء) عَرَّف الملحمة بقوله :(هي التاريخ يُنْشَدُ على باب الأسطورة) ولم يقل الخرافة لأن الأسطورة هي التي تذكر الحقائق التاريخية.

" إن الأساطير حقيقة حتى وإن كانت خاطئة، وأنها عبارة عن أجهزة بتراكيب دراماتيكية تُستخدم من أجل السيطرة على الواقع".

من كتاب الأسطورة لهنري تيودور 

تتعامل الأساطير السياسية ببساطة مع الموضوعات السياسية وتَستخدم دائماً مجموعة من الناس كأبطال روائيين .

يقول الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي صاحب كتاب الأساطير المُؤسِسَة للسياسة الاسرائيلية يقول: " أن إسرائيل لم تستطع تعلق عن حضورها إلا بفعل عملية إحياء وتحيين هائل للأساطيراليهودية ، وابتكار أساطير جديدة من واقعها السياسي القريب( من الأساطير القديمة أرض الميعاد، شعب الله المختار، واساطير جديدة : الهولوكست وارض بلا شعب لشعب بلا أرض)".

الرَحِم الذَّي ولَّد المشروع الصهيوني أوالحاضنة

أولاً: ــ الثورة الصناعية والعهد التوسعي الفيكتوري:

ظهور الثورة الصناعية صاحبها ظهور قِوى استعمارية جديدة ( بريطانيا وفرنسا ــ بعد اضمحلال الامبراطوريتين البرتغالية والاسبانية اللتين بَنَتا المشاريع الاستيطانية الاوروبية الأولى في الأمريكتين وأفريقيا وأسيا ــ وبعض الدول الأخرى الأوروبية وأيضاً زيادة الرغبة الاستعمارية للحصول على الموارد الأولية  ومناطق نفوذ وأسواق لترويج سلعها وأيادٍ عاملة بالإضافة إلى اختراع وصناعة وسائلٍ حربية متطورة مكنتهم من التفوق واحتلال باقي المناطق بكل يسر وسهولة...

ثانياً:ــ ظهور الحركة القومية في أوروبا ودورُها في بناء الدولة الحديثة.

ظهرت الحركة الصهيونية في سياق أوروبي تميز بنزعة قومية متعاظمة سادت أوروبا في القرن التاسع عشر نتيجةً لقيام الدول الوطنية في القرنين السابع عشر والثامن عشر وما رافقها من حروب دموية كان الانتماء القومي هو الركن الركين للتعبئة من أجلها، وقيام كيانات وطنية  قومية الهدف السياسي الأساسي لها.

وكان نتيجة لهذا الأثر القومي أن ازدادت الاضطهادات ضد اليهود وماسُمِّيَ بمعاداة السامية بعد ذلك، فكانت الصهيونية حركةٌ قومية اخترعت شعبا واخترعت ارضا لهذا الشعب فكل شعب له دولته القومية إلا اليهود، وتم كل ذلك بدعم وبتأييد غربي وتنفيذ بريطاني لخدمة مصالح الغرب وللتخلص من المسألة اليهودية ومايسببه أغنياء اليهود من ضرر اقتصادي معيشي بسبب الربا الذي اعتادوا ممارسته منذ زمن موغل في القدم ومامسرحية تاجر البندقية إلاتوثقاً أدبيا لذلك فقد طردوا من ( فرنسا وألمانيا والبرتغال وأسبانيا خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر) !!!

ثالثاً:ــ وثيقة هنري بنرمان رئيس الحكومة البريطانية ( 1905 ـ 1907) جمع مجموعة من الدول الأوروبية وهي فرنسا واسبانيا وايطاليا وهولندا إضافة إلى الدولة الراعية.

رابعاً: الدراسات الاستشراقية والمسيحية الصهيونية

استخدمت الصهيونية نفس المفهوم الاستشراقي الأوروبي للعودة، ونفس المصطلحات التي وصف بها العرب والمسلمين من التوحش والعنفوية والبدائية الشهوانية أي أنهم بشر من درجة دنيا يجب احتلالهم واستعبادهم واستثمار خيراته وتمدينهم كلها مفاهيم عنصرية استعلائية حاقدة جرى  سرديتها من حوالي ثلاث قرون وصلت ذروتها القرن العشرين 

اسطورة الأساطير هي أن الصهيونية ليست حركة يهودية لكنها صناعة غربية بحثة أستثمرت الرموز الدينية اليهودية لتبرير زرع الكيان الغريب في المنطقة كقاعدة متقدمة للغرب فالصهيونية إحدى منتجات الغرب واستخدمت النصوص المقدسة في الكتاب المقدس بعهديه لاستجلاب اليهود ولاقناع شعوبهم بأنها تحقيق للمقدس ولمنحة الرب، فلذلك صراعنا هو مع الغرب، وليس "إسرائيل "  بين قوسين إلا بيدق وأداة وقد قالها نتيناهو على المباشربأننا نمثل الحضارة الغربية والقيم الغربية وقالها بايدن وقد افردنا مقولته في بداية  المحاضرة.

وما الادّعاءات الصهيونية والإسرائيلية «المحبوكة» على أكثر من صعيد، إلاّ «أساطير» عَبثت، ولا تزالُ تَعبُث، بحقائق التاريخ والجغرافيا والديمغرافيا على حدّ سواء، تُهَوِّد المعرفةَ وتَلوي عنقَ التاريخ. 


 الدكتور محمد عبد القادر 

إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع

Back to top button

يمكنكم متابعتنا

يمكنكم متابعتنا