لا شكك أن الموقف الفرنسي كان ولا يزال الأقسى دولياً في وجه الانقلاب العسكري الذي حصل في النيجر أواخر الشهر المواضي.إذ أكدت "مصادر فرنسية ونيجيرية" أن باريس أوشكت على التدخل عسكريا، لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة.
كشفت بعض المصادر المطلعة أن حسومي مسعودو، الذي كان وزير الخارجية في حكومة النيجر قبل الإطاحة بالرئيس محمد بازوم، وقّع على وثيقة تعطي لفرنسا الإذن بالقيام بعملية عسكرية لتحرير بازوم بعد ساعات من الإطاحة به، وفق ما نقلت صحيفة "لو موند الفرنسية".
وجاء في تلك الوثيقة أن السلطات الشرعية "تجيز للشريك الفرنسي تنفيذ ضربات تستهدف القصر الرئاسي بهدف تحرير رئيس جمهورية النيجر المحتجز كرهينة".
كما وقّع قائد الحرس الوطني ميدو غيرو، باسم رئيس الأركان النيجري عبدو صدّيقو عيسى، على وثيقة مماثلة، لأن فرنسا اشترطت أن يكون أي طلب بتدخّلها مكتوباً.
ثم بدأ الجانبان يحضّران لعمل عسكري فيما كان عبد الرحمن تياني قائد المجموعة التي أطاحت ببازوم يجري محادثات في الساعات الأولى بعد الانقلاب مع الرئيس الأسبق محمد ايسوفو الذي تدخل كوسيط، وتحادث هذا الأخير أيضاً مع بازوم لكنه، لم يستطع إقناع تياني بالإفراج عن الرجل الذي أطاح به للتوّ.
لكن فجأة انضمّ معظم هؤلاء إلى المجموعة العسكرية التي أطاحت ببازوم وظهروا أمام وسائل الإعلام خلال الإعلان عن تشكيل "المجلس الوطني لحماية الوطن".بدوره أكد أحد المقرّبين من بازوم أن الفرنسيين بدأوا يستعدّون لعملٍ ما، وكان لا يزال ممكناً أن تنقلب الأمور لصالح السلطات الشرعية، ووصلت بالفعل قوات فرنسية إلى مبنى القيادة العامة للحرس الوطني في نيامي عند الرابعة من فجر الخميس في السابع والعشرين من جويلية ، أي بعد ساعات من وقوع الانقلاب في السادس والعشرين منه، وكانت هذه القوات عبارة عن أكثر من عشر مركبات عسكرية وعدد من المروحيات التي كانت جاهزة للعمل العسكري.
كما أضاف المصدر نفسه أن الفرنسيين أبلغوا الدائرة المحيطة بالرئيس المخلوع أنهم في جهوزية تامّة للشروع في عملية تعيده إلى السلطة دون تعريضه لأي أذى خلال العملية، لكن المفاجأة كانت صاعقة حين رفض بازوم الأمر.
فقد اعترض الرئيس نفسه على ذلك واتّصل بقائد العمليات الفرنسية في النيجر طالباً منه عدم التدخل عسكرياً.
كذلك أكد المصدر المذكور أن بازوم " يؤمن كثيراً بالحوار، وهذه المرّة أيضاً كان يعتقد بجدوى الحوار مع الذين انقلبوا عليه، هو الذي عطّل كل شيء".