بادرت باكرا ..أي بعد الثورة مباشرة الى محاولة تقديم نقد جذري للظاهرة الاسلامية وحزبها الأساسي في تونس حركة النهضة.....لم يصدق البعض ذلك واعتبره تقاسم ادوار بينما اعتبر البعض انه تصفية حسابات ذاتية مع تجربتي داخلها أما من لم يكن يعرفني فقد كان يتهمني واعتبرت ذلك نكتة سياسية أنني وطد.
لم يكن الهدف مما كتبت اثبات ان الاسلاميين سيئيين بل كان الدفاع على امكانية العيش معهم دون اعتبارهم البديل السياسي عن المنظومة التي حكمت قبل الثورة....كانت كل كتاباتي محاولة تفكيك البنية الذهبية للحركة الاسلامية واثبات ان مأزقها ليس سياسيا وليس متعلقا بالاشخاص بل مشكل ذهني ثقافي يجعلها عاجزة ان تكون قاطرة الزمن الديمقراطي الذي هو زمن حداثي بالضرورة وان تلك الحركة من منطق التأقلم ستتحول ذات يوم الى حزب محافظ ولكن ذلك سيتطلب تجربة تاريخية طويلة وأنها حتى ذلك الوقت ليست مؤهلة لتكون البديل عن منظومة النظام الرسمي حتى الثورة.
من خلال نشاطي السياسي خاصة داخل الجمهوري وكتبت ذلك دافعت عن ما يمكن اعتبارة النصف الثاني لفكرتي وهو ان البديل عن حركة النهضة ليس العودة الى القديم لذلك ناضلت ساعتها ضد التحالف مع نداء تونس واعتبرته اضاعة فرصة لبناء البديل الديمقراطي وهو ما حدث .
بنفس المنطق مثلما القديم ليس بديلا عن حركة النهضة فان الشعبوية ليست كذلك...انها مجرد هروب مرضي من صعوبات الانتقال الديمقراطي وليست حلا لتلك الصعوبات...ان ما يطرحه قيس سعيد هو الموت الرحيم كحل لالام تجربة انتقالية هي بالضرورة مؤلمة والشعبوية نفسها هي إحدى اسوء آلامها واحيانا هي كابوسها الحقيقي لانها تنتهي دائما دماء على رصيف الاقتتال الاهلي...
قيس سعيد ليس البديل ....البديل في المستقبل يحتاج فقط بعض الصبر والثقة في النفس...انه مجهود مستمر يشبه احيانا نموا غير
مرئي لنبتة تحت التراب ولكن سيأتي اليوم الذي ستظهر فيه وتزهر..
لا تكفروا بالمستقبل وتسلموه للشعبوية.....انه لكم وحدكم.. .
بقلم المحامي والناشط السياسي عبد الواحد اليحياوي