وصف المدون

عاجل الأن







صدر عن دار الأمينة للنشر بتونس خلال المدة الفائتة كتاب (من بستان الخضراء) للكاتب الليبي يونس شعبان الفنادي متضمناً عدة مقالات نقدية تصدى فيها لنصوص إبداعية تونسية تنوعت بين القصة القصيرة والشعر والرواية والدراسة وقد علق على الكتاب الصادر حديثا الأستاذ الباحث في الدراسات العربية ونقد الأدب العربي الحديث والمعاصر بجامعة جون مولان ليون 3 الفرنسية الدكتور لمجد بن رمضان مؤكداً في مقدمته التحليلية المسهبة على أهمية الكتاب وفطنة مؤلفه في التعاطي النقدي بكل موضوعية مع النصوص الإبداعية مستخدماً منهجية علمية دقيقة (انتهج "الفنّادي" في جُلِّ فُصُول هذا الكتاب منهجاً علمّياً صارماً، يقوم على الإحصاءِ والتدقيق والاستنتاج، ثمّ التأويلِ الذي يسعى من خلاله إلى لملمةِ شتاتِ المعنى المبثوث في النصوص. إذ لم يكن عمله مُجَرَّدَ شَرحٍ أو وَصْفٍ لما ورد في المُتُون، وإنَّما نجده أيضا يعيد بناء النصوص وينفذ إلى مقاصدها الدفينة).   
وبعد تتبعه لكل فصول الكتاب الستة يخلص الدكتور بن رمضان في خاتمة مقدمته التي تصدرت صفحات الكتاب إلى أن (من محاسنِ هذا العمل النقدي للفنّادي -وهي كثيرة– تجاوُزه للمفهوم التقليدي للنقد، الذي ينتصبُ أصحابُه حكّاماً للإبداع، يقلّبون النصوصَ بحثاً عن جيّدها ورديئها، ويمنحون حسبَ أهوائِهم شهادةَ الإبداع من عدمه. فالفنّادي ينتمي إلى جيلٍ جيدٍ من النُقاد تخلّى عن ذلك التصوّر التقليدي، واجتهد لتجديدٍ أدواتِه وتمحيصِ أفكارهِ حتى يسايرَ التطوّرَ الذي تشهده الساحةُ الإبداعيّةُ والثقافيةُ عُموماً في الوطن العربي. فالنقدُ -بالنسبة إليه وكما يظهر في كتاباته - ليس مدحاً أو ذمّاً للنُصُوص، وإنَّمَا هو قراءةٌ عالمةٌ تساهمُ في إنضاجِ المنتوجِ الأدبيِّ بمختلفِ أجناسه. وهذا العملُ الذي أنجزه هو إضافةٌ قيّمةٌ في دراسةِ الأدبِ ونقده.)
ويتضمن كتاب (من بستان الخضراء) للأديب الليبي يونس الفنادي ستة فصول جاءت في 140 صفحة، وجاء فصله الأول بعنوان "قرية بوتيرو" قصصُ الهُوِّية .. والنهاياتُ المفتوحة، الذي تناولَ فيه بالدراسة والتحليل مجموعةً قصصيةً للأديبةِ لمياء نويرة بوكيل. والفصل الثاني بعنوان ـ"رواية "الملائكة لاَ تطير"، جُرأةُ الاختيارِ ومُتْعَةُ السَّردِ في مُوَاجَهَةِ التَّطَرُف" حول رواية الأديبة فاطمة بن محمود، والفصل الثالث بعنوان (هُوِّيتِي عِشْقِي"، بين المَضْمُونِ وَالإِيقَاعِ). وهو دراسةً في الشكلِ والمضمُونِ للتجربةِ الشعريّة للشاعرة "زليخة عوني"، والفصل الرابع بعنوان (ثلاثيةُ: السّحاب ... والّلقاء ... والانتماء للشاعرة التونسية نجاة المازني) سعى الفنادي من خلاله إلى التعريف بالشعر النسوي التونسي وعلائقه بالحركة الأدبية الشاملة، والفصل الرابع بعنوان "علي الفزاني": ظمأ الشاعر إلى الحياة" وهو قراءة في كتاب الدكتور محمد البدوي الصادر بهذا العنوان، والفصل السادس والأخير بعنوان ـ"الأمازيغية التونسيّة (غْريبا).. ليست غريبة"، تناول فيه رواية الكاتبة حياة حسين البوسالمي.
ويهدي الكاتب يونس الفنادي كتابه (من بستان الخضراء) إلى الأساتذة المعلمين التوانسة الذين درسوه في مسقط رأسه بمدينة طرابلس ليبيا بقوله (أهدي كتابي هذا إلى أساتذتي التوانسة الأكارم الذين درَّسُونِي في ليبيا بالمرحلتين الإعدادية والثانوية خلال عقد السبعينيات من القرن العشرين الماضي، فزرعوا فيّ قيمَ الخيرِ والمحبةِ والوفاء، وهو ما يجعلني أدينُ لهم بالكثيرِ من الفضل أسوةً بغيرهم من المعلمين والأساتذة الأفاضل في مراحل تعليمي كافة). وقد خص ثلاثة من هؤلاء الأساتذة بالذكر وهم الأستاذ/ الحبيب بوزكورة، مادة اللغة العربية، بمدرسة شهداء الشط بسوق الجمعة، والأستاذ/ عبدالرحيم السبوعي، مادة اللغة الفرنسية، بمدرسة سوق الجمعة الثانوية، والأستاذ/ محمد بوسته، مادة اللغة الفرنسية، بمدرسة سوق الجمعة الثانوية.
ويصف الفنادي مؤلفه بقوله ("من بستان الخضراء" عنوان اخترتُه لهذا الكتاب الذي يجمع مقالاتٍ كتبتها حول إصدارات تونسية أدبية تنوعت بين الشعر والقصة والرواية والدراسة، وهو جهد لا أزعم أنه متكاملٌ، ولكنه يسهم في التعريف بالأعمال الأدبية وربط الصلات وتمتين عرى العلائق الإبداعية والإنسانية والأخوية، وهو عربون وفاء شخصي لبلد ترك بصمته التربوية والتعليمية في كياني وذاتي الإنسانية).
ويضيف قائلاً (إن اقتحامي لبوابة الأدب التونسي أعده مثَّلَ إضافة أثرت مخزوني المعرفي والأدبي كغيرها من الإضافات الليبية والعربية والعالمية الأخرى التي ارتقت بذائقتي وحركت الكثير من حواسي ومشاعري ومنحنتي بعض الأفكار التي سجلتها في هذه المقالات وغيرها من الكتابات الأخرى وهي في مجموعها أعتبرها مجرد شجرة صغيرة في غابة ضخمة تتشابك فيها الأغصان والجذور والأوراق لتمنحها هوية .. الغابة).
كتاب (من بستان الخضراء) يسهم في التعريف بالأدب التونسي خارج تونس ويكرم المبدعين التونسيين بعيداً عن ديارهم، وهو مؤلف يستحق الكثير من المطالعة والاهتمام من قبل النقاد والدارسين والشغوفين بالأدب التونسي والعربي كافة. 

إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع

Back to top button

يمكنكم متابعتنا

يمكنكم متابعتنا