وصف المدون

عاجل الأن





في الساحة السياسية الهشة والرخوة في تونس والمهدّدة بالانزلاقات والانهيارات يسيطر رئيس الجمهورية قيس سعيّد على هامش مهم من هذه المساحة لاسيما وأنه لازال يحافظ على دعم شعبي مقبول مقارنة بخصومه ( رغم تقلّص هذا الدعم مقارنة بالأيام الموالية ليوم 25 جويلية ) كما أنّه يمسك لوحده تقريبا بمقود العملية السياسية وهو القادر على توجيهها حيث يريد على عكس خصومه الذين يتخبطون بلا أفق واضح. على نفس هذه المساحة يتناثر معارضو الرئيس هنا وهناك كالجزر المعزولة في إحدى بحار جنوب شرق أسيا.
يتكوّن هذا الأرخبيل من مجموعة من الأحزاب التي يبدو أنها لن تتوحّد رغم محاولة النهضة وجماعتها ممن سموا أنفسهم " مواطنون ضد الانقلاب " مغازلة بقية الأحزاب والحساسيات السياسية الأخرى ومراودتها من أجل توظيفها في معركتها ضد الرئيس:
*** حزب العمّال : هو الحزب الوحيد من هذه المعارضة الذي لم يتحمّل أي مسؤولية في الحكم طوال تاريخه. وحزب العمال أيضا هو الحزب الوحيد الذي كان موقفه واضح من قيس سعيد منذ 2019 وهو موقف محترم باختلافي معه لأن الحزب حافظ على هذا الموقف ولم يغيره على خلاف بقية الأحزاب التي حاول بعضها التزّلف أو التقرب من الرئيس... قد يلتقي حزب العمال في المستقبل مع التيار الديمقراطي أو الحزب الجمهوري ولكن لن يتقرّب من البقية وخاصة حركة النهضة رغم المغازلات المتتالية.
*** تنسيقية الأحزاب الديمقراطية الإجتماعية: متكونة أساسا من حزب التيار الديمقراطي وهو حزب ديمقراطي إجتماعي كان موقفه مساند لقيس سعيد وانتفع من المصوتين له في الانتخابات التشريعية ثم شارك مع حركة النهضة في حكومة الفخفاخ وكانت مواقفه متجانسة مع مواقف الرئيس حتى أن محمد عبو قد دعا سعيد علنا إلى تفعيل الفصل 80 ... ساند قرارات 25 جويلية في البداية ولكنه سرعان ما أصبح يعادي الرئيس بخطاب متشنج مما أسقطه في السكيزوفرينيا السياسية وتناقض المواقف. صاغ مؤخرا تحالفات غريبة مع الحزب الجمهوري الذي لا وزن له وحزب تكتل خليل والزاوية ( زوز برك خليل هو والزاوية) وحزب آفاق تونس وهو أقرب إلى شركة أسسه ياسين براهيم وباعه لفاضل عبد الكافي. هذا الارخبيل تحاول النهضة استجلابه لصفوفها وقد ينضم إليها مستقبلا بقايا الزاوية وشركة عبد الكافي ولكن من المستحيل أن تنجح النهضة في ضمان قرب الجمهوري والتيار.
*** النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس : الحزام الداعم لهشام المشيشي والمسيطر على البرلمان المنحل وهم أساسا ما يسمون جرحى 25 جويلية والآن مجموعة مواطنون ضد الانقلاب مع بعض الوجوه الأخرى المقربة من النهضة وبقايا المؤتمر ثم الحراك زايد عائلة الحزقي. تحظى حركة النهضة بالجزيرة الأكبر من هذا الأرخبيل وهي التي توجهه سياسيا وتتحكم فيه وهي الأكثر امتدادا وعمقا شعبيا ولكنها الحزب الأكبر امتلاكا لملفات تدينه في صورة ما تحرّر القضاء من قبضة العصابة التي تسيطر عليه الآن. يأتي في مرتبة ثانيه اءتلاف الكرامة وهو الوجه العنيف لحركة النهضة وأغلب قياداته مهددة بالسجن أو في السجن أو الإقامة الجبرية( مخلوف والسعودي والنقاش وكنو ) وهو ائتلاف مرتبط رأسا بحركة النهضة تابع لها. في مرتبة ثالثة يوجد ما تبقى من جثة قلب تونس الذي هو عبارة عن التقاء مجموعة من الشخصيات البراقماتية حول نبيل القروي وتلاشت هذه الشخصيات مباشرة بعد 25 جويلية.
*** الحزب الدستوري الحر : وافق الرئيس في إجراءات 25 جويلية في البداية لكنه لم يحسن استغلال الظرف ودخل مع الرئيس في معارك جعلت موقفه قريب من موقف حركة النهضة في عدة مناسبات ثم ركّز تحركاته فقط على إغلاق مقر القرضاوي في تونس ... من المستحيل أن يتحالف مع حركة النهضة رغم محاولة هذه الأخيرة التقرب منه في عدة مناسبات( تصحيح سيد الفرجاني ).
____ هكذا هي الساحة السياسية في تونس متناثرة على أرضية هشة يحاول فيها البعض دفع الرئيس للحوار للافلات من العقاب كحركة النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس أو لدفعه لتعديل موقفه من بعض النقاط كالتيار الديمقراطي فيما يطرح البعض الآخر نفسه بديلا للرئيس كالحزب الدستوري الحر ذي القاعدة الشعبية المقبولة نسبيا أو حزب العمال الذي يعاني من ضعف في الانتشار.
الباحث محمد ذويب

إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع

Back to top button

يمكنكم متابعتنا

يمكنكم متابعتنا