وصف المدون

عاجل الأن


عندما تشكلت حكومة عبد الحميد الدبيبة في مارس 2021، ساد شعور ـ ولو هش ـ بأن ليبيا قد تكون مقبلة على مرحلة استقرار تدريجي، تقودها سلطة انتقالية ذات طابع توافقي، تتولى توحيد المؤسسات وتنظيم انتخابات طال انتظارها. لكن ما جرى خلال السنوات الأربع الأخيرة أثبت أن تلك الحكومة لم تكن سوى امتداد ناعم لحالة الجمود الليبي، إن لم تكن سببًا إضافيًا في تعقيدها.

لقد استهلكت حكومة الدبيبة شرعيتها شيئًا فشيئًا، بدءًا من فشلها في تنظيم الانتخابات في ديسمبر 2021، وصولًا إلى تجاهلها قرارات البرلمان الليبي بسحب الثقة منها وتكليف حكومة جديدة. هذا الرفض لمغادرة المشهد جعل من "التمديد السياسي" نهجًا ضمنيًا، يرتكز على واقع أمني تهيمن عليه الميليشيات، وغطاء دولي لم يَعُد موحدًا كما كان.

خارجيًا، انقلب المشهد تدريجيًا. تركيا، الحليف الأبرز لحكومة طرابلس، بقيت متمسكة بدورها الداعم، لكنها في الوقت ذاته دخلت في تفاهمات جديدة مع قوى إقليمية كانت في السابق في معسكر مضاد. أما الأطراف الغربية، فقد بدأت تتعامل مع الملف الليبي ببرود واضح، وتحولت من دعم مباشر لحكومة الدبيبة إلى البحث عن صيغة "الحد الأدنى من الاستقرار"، ولو على حساب الحكومة القائمة.

أما داخليًا، فقد تحولت الحكومة من كيان تنفيذي مؤقت إلى ما يشبه الإدارة الفعلية للفراغ. استندت في بقائها إلى تحالف مع مجموعات مسلحة، لا تؤمن بفكرة الدولة، ولا تقبل الخروج من معادلة النفوذ. وما بين اتفاقات توزيع مناصب وصفقات اقتصادية غامضة، فقد المواطن الليبي الثقة في إمكانية الإصلاح أو التغيير.

الواقع الاقتصادي لا يقل قتامة. فالفساد المستشري، وسوء الإدارة، وتردي الخدمات، أعاد للأذهان مشاهد ما قبل 2020، وربما أسوأ. ومع اندلاع احتجاجات شعبية في طرابلس ومناطق أخرى، بات واضحًا أن الحكومة لم تعد تملك لا الغطاء السياسي، ولا الحاضنة الشعبية.

اليوم، تقف حكومة عبد الحميد الدبيبة على حافة النهاية. ليست نهاية رسمية بقرار سياسي أو انتخابي، بل نهاية واقعية لحالة نفد رصيدها من الشرعية والقدرة والقبول. ما تبقى هو صراع بطيء على إدارة ما تبقى من مؤسسات الدولة، بانتظار لحظة مفصلية، قد تأتي من الداخل أو من توافق دولي يعيد تشكيل المشهد.


تبدو حكومة الدبيبة اليوم في أضعف حالاتها منذ 2021. فشرعيتها موضع نزاع، وتحالفاتها الأمنية والداخلية تتآكل، بينما يتزايد الضغط الشعبي والدولي لإيجاد بديل قادر على إخراج البلاد من أزمتها المركبة. استمرارها بات أقرب إلى إدارة مؤقتة للفراغ، لا مشروعًا حقيقيًا لبناء الدولة.



شمس اليوم نيوز

إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع

Back to top button

يمكنكم متابعتنا

يمكنكم متابعتنا