سلطت الإجراءات الأمنية التركية
الخاصة لترحيل عدد من الفلسطينيين الذين تظاهروا في تركيا ضد موافقة الحكومة
التركية على مرور إمدادات النفظ الأذربيجاني إلى كيان العدوان الصهيوني عبر
الأراضي والموانئ التركية وأيضا موافقة النظام المصري على إرسال عشرات السفن من
الموانئ المصرية محملة بالسلع والنفط إلى كيان العدوان الصهيوني، وخط الإمداد
البري من دولة الإمارات العربية المتحدة عبر السعودية والأردن، سلطت الضوء على
تواطؤ العديد من الدول ومن بينها دول عربية وإسلامية في الإبادة الجماعية التي
يرتكبها كيان العدوان الصهيوني في قطاع غزة.
فقد كشفت دراسة أجرتها منظمة Oil Change International أن العديد من الدول، بما في ذلك الدول
الموقعة على اتفاقيات جنيف بشأن الإبادة الجماعية، قد زودت الكيان الصهيوني بالنفط
المستخدم في دباباتها وطائراتها لتنفيذ الإبادة الجماعية في غزة وتواطأت في
الجرائم ضد الشعب الفلسطيني.
وقد حللت الدراسة سجلات الشحنات وصور
الأقمار الصناعية وبيانات مفتوحة المصدر من الصناعة لتعقب 65 شحنة نفط ووقود إلى كيان
العدوان الصهيوني بين 21 أكتوبر 2023 و12 يوليو الماضي. وفقًا للتقرير، تم شحن ما
مجموعه 4.1 مليون طن من النفط الخام إلى الكيان منذ بداية عدوان الإجرامي على غزة،
واستمرت هذه الشحنات دون انقطاع على الرغم من أحكام محكمة العدل الدولية.
وبستورد الكيان تقريبًا 99 في المئة من احتياجاته النفطية. ووفقًا
للتقرير، تعد أذربيجان المورد الرئيسي، حيث توفر 28 في المئة من النفط الخام الذي
يصل إلى الكيان. تليها كازاخستان والدولة الأفريقية الجابون بنسبة 22 في المائة.
تلبي هذه الدول الثلاث ثلاثة أرباع احتياجات إسرائيل من النفط.
وتلعب تركيا وإيطاليا وقبرص واليونان
دورًا رئيسيًا في تقديم خدمات الشحن للكيان. وتأتي تركيا، باعتبارها نقطة النهاية
لخط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان، في المرتبة الأولى من حيث الحجم، حيث تمثل 26 في
المئة من الشحنات إلى كيان العدوان الصهيوني. تليها قبرص بنسبة 21 في المئة.
ويكشف تواطؤ حكومة حزب العدالة
والتنمية التركي المستمر في شحنات النفط الحيوية من أذربيجان إلى إسرائيل واضطهاد
المتظاهرين عن نفاق رد حكومة أردوغان على الإبادة الجماعية في غزة.
وكان رد فعل الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان وحكومته الأول بعد السابع من أكتوبر يتسم بالحذر وضبط النفس والدعوة إلى وقف
إطلاق النار ودعوة كلا من حكومة الكيان وحركة حماس إلى طاولة المفاوضات.
وقد تسببت عملية طوفان الأقصى وما
تلاها في إعاقة عملية التطبيع مع الكيان التي كانت تركيا تسعى إليها في السنوات
الأخيرة، بناءً على المصالح في موارد الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط. وتخشى
أنقرة أيضًا أن يتم جرها إلى حرب ضد إيران، مما سيضر بمصالح البرجوازية التركية،
بسبب سعي الولايات المتحدة للسيطرة على المنطقة العربية وموارد الطاقة.
وقد واظبت حكومة أردوغان على إهمال
طلب الشعب التركي بوقف التجارة مع كيان العدوان الصهيوني وسط الإبادة الجماعية في
غزة، حيث حافظت الحكومة التركية على العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الكيان لفترة
طويلة ووافقت على توسيع الناتو، الذي يدعم الإبادة الجماعية، من خلال قبول السويد
كعضو.
وقد أرغم رد الفعل الشعبي الذي ساهم
في إلحاق الهزيمة بحزب العدالة والتنمية في انتخابات 31 مارس، أرغم أردوغان على
اتخاذ قرارات بقطع التجارة المباشرة مع الكيان وحتى تصعيد خطابه إلى حد التهديد بتدخل عسكري
ضدها. على الرغم من ذلك، تستمر القواعد الأميركية-الناتو في تركيا في دعم عمليات كيان
العدوان الصهيوني، وتزداد شحنات النفط من أذربيجان عبر تركيا التي تغذي آلة الحرب
الإسرائيلية.
غير أن تقارير ذكرت أن التجارة من
تركيا إلى الكيان لم تتوقف. ووفقًا للمعهد التركي للإحصاء زادت الصادرات إلى
فلسطين المحتلة في يوليو الماضي بمقدار 12 ضعفًا بعد حظر التجارة مع الكيان
الصهيوني لتقترب تقريبًا من مجموع الصادرات في عام 2023. وقد تم في يوليو الماضي،
تصدير ما قيمته 128 مليون دولار إلى فلسطين المحتلة خلال فترة التدمير والمجازر
الصهيونية في غزة. بينما كانت الصادرات في يوليو من العام الماضي فقط 10 ملايين
دولار.
كما أن تركيا، التي كانت أكبر مصدر
للصلب إلى الكيان الصهيوني، صدرت فقط ما قيمته 27 ألف دولار من الصلب في يوليو من
العام الماضي، وفقًا لصحيفة "إيفرينسل". لكن في يوليو 2024، ارتفعت هذه
الصادرات إلى 14.3 مليون دولار، بزيادة تقارب 51 ألف في المئة. حدثت زيادة مشابهة
في صادرات الإسمنت ومنتجات الزجاج.
ويعزى السبب الرئيسي لاستمرار حكومة
أردوغان في تغذية آلة الحرب الصهيونية هو الروابط العسكرية الاستراتيجية الوثيقة
للطبقة الحاكمة التركية مع الولايات المتحدة وحلف الناتو.