فيما ينتظر لبنان وصول وفد المحققين الأوروبيين إلى بيروت على دفعات للتحقيق في قضايا فساد وتحويلات مصرفية على صلة بالملف المالي لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، برزت إلى الواجهة قضية تتعلق بهدر المال العام من خلال تبرئة مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة ذمة “شركة بريد لبنان” “ليبان بوست” قبل تغيّر السعر الرسمي للدولار تمهيداً لإعادة تلزيمها قطاع البريد.
ومن المعروف أن المالك السابق لهذه الشركة هو رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قبل أن يبيع حصته إلى مجموعة “سرادار” لقاء أسهم في هذه المجموعة. ومنذ قرار مجلس الوزراء ببراءة ذمة “ليبان بوست” كثرت التقارير الاعلامية حول الخسائر التي تكبّدتها الدولة اللبنانية جراء تلزيمها هذا القطاع، وأوضحت معلومات أن مبلغ الـ1.545 مليار ليرة الذي تقاضته وزارة المالية من الشركة بناء لتقرير ديوان المحاسبة كان يوازي مليون دولار سابقاً، بينما لا تتعدى قيمته حالياً 37 ألف دولار، ما يعني أن الدولة خسرت نحو 963 ألف دولار.
وتواصلت الحملة الاعلامية على الشركة ولوحظ أن عدداً من محطات التلفزة المحلية بدأت تبث اعلانات عن خسائر الدولة منذ تلزيم “ليبان بوست” والتي تقارب 130 مليون دولار في مقابل استخدام الشركة عشرات مكاتب البريد التابعة للدولة مجاناً.
وفي ضوء هذه الحملات، تقدّم الرئيس ميقاتي بإخبار إلى المدّعي العام المالي القاضي علي إبراهيم طلب فيه فتح تحقيق شامل ومُوَسع بشأن عمل شركة بريد لبنان LibanPost وكشف ما إذا كانت هناك أي ارتكابات من قبل مالكيها أو القيّمين عليها.
وجاء في نص الاخبار: “يتبيّن أنه في كل مرة وفي كل مُناسبة يُطرح فيها موضوع يتعلق بـ”شركة بريد لبنان” المُناط بها تقديم الخدمات البريدية لصالح الدولة اللبنانية، تَنبري بعض المنابر الإعلامية للتصويب على الشركة وعلينا بحجة أنها مَملوكة من قبلنا، وكان آخرها بمُناسبة صدور قرار عن مجلس الوزراء بالموافقة على تكليف وتفويض وزير الاتصالات التوقيع على عقد مُخالصة وإبراء ذمة مع هذه الشركة، مع الإشارة إلى أن هذا الموضوع كان قد أدرج على جلسة مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال بناءً لطلب وزير الاتصالات الذي أكد في بيان صادر عنه، أن تكليفه من قبل مجلس الوزراء جاء تنفيذاً للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء كما واستناداً إلى تقرير ديوان المحاسبة الذي أوكل إليه إبراء ذمة الشركة والوزارة بعد القيام بالمَقاصة المُفصلة المَطلوبة كما وردت في التقرير، مُشيراً إلى أنه وفي سبيل ضمان حماية وحفظ حقوق الدولة حصراً، وحرصاً على إصلاح الثغرات نتيجة التجديد ثماني مرات للشركة، أعدّت وزارة الاتصالات دفتر شروط بحسب ما توجبه أحكام قانون “الشراء العام” وتمّ إطلاق مُزايدة لتلزيم قطاع البريد وفقاً للأصول”.
وطلب رئيس الحكومة “التحقيق انطلاقاً من مبدأ الشفافيّة ودحضاً للافتراءات المُمَنهجة والحملة غير المُحقة التي تطالنا والمعلومات المُضللة التي يَسوقها البعض لأهداف مَشبوهة، ومن أجل وضع حد لها”.
وكان المكتب الإعلامي لوزير الاتصالات جوني القرم المحسوب على “تيار المردة” حليف ميقاتي، ردّ على ما يتم التداول به في بعض وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بموضوع شركة “ليبان بوست” وبراءة الذمة، فلفت إلى “ان تقرير ديوان المحاسبة قد أوكل إليه إبراء ذمة “ليبان بوست” والوزارة بعد القيام بالمقاصة المفصلة المطلوبة، وهذا الابراء يشمل بمضمونه التّقرير المالي فقط، من دون ان يشمل الضرائب والرسوم واشتراكات الضمان الاجتماعي ولا أي دعوى قضائية سابقة أو لاحقة”.