طالب عدد من الباحثين وكل من نجلي الشهيدين فرحات حشاد وعبد الرحمان مامي، اليوم الأحد، خلال الندوة العلمية الأولى حول عبد الرحمان مامي، بمعالجة ملف الاغتيالات السياسية في الفترة الاستعمارية بتونس بأكثر جدية لدفع فرنسا، على الأقل، إلى الاعتذار على جرائمها مؤكدين أن هذا الملف بقي معلّقا ولم يعالج مؤسساتيا إلى حد اليوم، رغم علم الجميع بأن من يقف وراءها، اليد الحمراء وهي ذراع من أذرع الجهاز الاستخباراتي الفرنسي مما يجعل هذه التصفيات جريمة دولة.
واكد الدكتور زهير بن يوسف رئيس اللجنة العلمية للندوة التى نظمتها جمعية تراث تستور تحت عنوان "عبد الرحمان مامي ذكري انسان وذاكرة وطن" بالتعاون مع المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بباجة ودار الثقافة الثقافة ابراهيم الرياحي بتستور، في تصريح اعلامي أن هذه الندوة تندرج في اطار إعادة الاعتبار إلى الرموز الوطنية المنسية ومنها مامي الذي كان من الشخصيات الأساسية التي ساهمت في استقلال تونس حيث قام بدور متقدم ودفع ثمنا لذلك اغتياله
كما بيّن أن الندوة محاولة للبحث عن الدوافع التي أدّت إلى ارتكاب هذه الجرائم والتبعات التي انجرت عنها في علاقة باستقلال البلاد مبيّنا أن الوثائق الأرشيفية والتقارير الأمنية الفرنسية تؤكد أن مامي كان همزة الوصل بين الحزبين وبين الحركة الوطنية والقصر.
وقال البحري البوغانمي الناطق الرسمي باسم جمعية تراث تستور ل"وات"، أن تناول أحد رموز الذاكرة الوطنية في التاريخ المعاصر الدكتور عبد الرحمان مامي وهو شخصية لا تقل أهمية عن الزعيم فرحات حشاد يهدف إلى المطالبة على الأقل بالاعتذار وتذكير الأجيال الجديدة بأن لهم قامات وطنية دفعت الغالي والنفيس من أجل بناء الدولة الحديثة.
وأردف قائلا إن " من بين دوافع اغتياله أنه كان عضوا من مجلس الأربعين وعارض الإصلاحات التي أقرّها دي هوت كلوك وكان له تأثير على الباي مؤكدا أنه تم تقديم مطلب لبلدية تستور لتسمية مستشفى بتستور باسمه ووضع لوحة رخامية تخلّد ذكراه".
وأكد منذر المامي نجل الشهيد عبد الرحمان مامي ل"وات " أن الوطنية كانت تجري في عروق والده الذي كانت له أعمال خيرية متعددة وطالب فرنسا بالكشف عن الحقيقة كاملة وبالاعتذار باعتبار أن اليد الحمراء جهاز تتصرف فيه الحكومة الفرنسية مذكّرا أن الزعيم الحبيب بورقيبة أكد بنفسه بأن اليد الحمراء هي التى اغتالت عبد الرحمان مامي.
وتجدر الاشارة إلى أن عبد الرحمان مامي هو أصيل مدينة تستور وعاش بين سنتي 1904 و1954 واسمه مدرج في السجل القومي لشهداء الوطن تحصل على شهادة الدكتوراه في اختصاص الطب من كلية الطب بباريس سنة 1935، وكان من أبرز الأطباء في الفترة بين الحربين إلى جانب نشاطه الخيري والتطوعي حيث خصص عيادة مجانية كل اسبوع للفقراء، كما ساهم في إسعاف جرحي حوادث 9 أفريل وفي أعمال الجبهة الوطنية واختاره الأمين باي طبيبا خاصا له.
وقد انتمى مامي إلى الحزب الحر الدستوري التونسي وكان همزة وصل بين الحزبين الدستوريين القديم والجديد ودخل في صراع مباشر مع الحماية الفرنسية منذ كشفه لمحاولة اغتيال الباي وقد اغتالته اليد الحمراء في 13 جويلية 1954، بعد أن اغتالت الزعيمين فرحات حشاد والهادى شاكر وتخليدا لذكراه اطلق الزعيم الحبيب بورقيبة اسمه على مستشفي الأمراض الصدرية باريانة ويحمل اسمه شارع كبير بضاحية المرسي التى زاول بها تعليمه الابتدائي.