فجّرت كامالا هاريس في مذكراتها الجديدة "107 أيام"، قنبلة سياسية، متهمةً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالسعي لعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، على حساب جو بايدن، خلال واحدة من أكثر لحظات التاريخ الأمريكي–الإسرائيلي توتراً؛ وهي "حرب غزة".
وتسرد هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي السابقة، في كتابها كيف تجاهل نتنياهو "ولاء بايدن المطلق لإسرائيل"، مفضلاً رئيساً "أكثر تطرفاً" يوافق دون تردد على خططه لمستقبل غزة.
وتكتب بوضوح: "أراد نتنياهو أن يرى ترامب جالسا في المقعد المقابل له"، معتبرة أن بقاءه السياسي مرهون بعودة الرئيس الجمهوري، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".
ويكشف الكتاب لحظات درامية من الكواليس؛ ففي لقاء متوتر مع نتنياهو في يوليو/تموز 2024، واجهته هاريس مباشرة بشأن إنكاره للأزمة الإنسانية في غزة؛ وتقول: "نظرته الباردة وسلوكه المنعزل أوضحا لي أنه يهدر وقته؛ تلك الحرب لم تكن مجدية".
لكن انتقاداتها لم تتوقف عند نتنياهو؛ فهي تُصوّر بايدن على أنه "مقيد وغير قادر" في التعامل مع المأساة الفلسطينية، كونه أسيرا لعاطفته القديمة تجاه إسرائيل.
وتضيف أنها توسلت إليه لإظهار التعاطف نفسه الذي أغدقه على أوكرانيا تجاه المدنيين في غزة، لكنه عجز عن ذلك؛ وكتبت أيضا في كتابها: "بينما كان يعلن بحماسة: أنا صهيوني، بدت كلماته عن الأبرياء الفلسطينيين جافة ومجبرة".
تكشف المذكرات أيضا صدامات داخل البيت الأبيض: بعد خطاب لهاريس في مارس/آذار 2024 دعت فيه إلى وقف إطلاق النار ووصفته بـ"الأزمة الإنسانية"، وبخها كبار مساعدي بايدن خوفا من أن يُنظر إلى حديثها على أنه خروج عن الخط الرسمي.
وانتشرت تصريحاتها تلك كالنار في الهشيم، وأشعلت جدلاً حادًا حول حدود الاختلاف داخل الإدارة.
سياسيًا، دفعت هاريس الثمن باهظا؛ فقد لاحقتها الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في كل محطة انتخابية، حيث واجهت هتافات تتهمها بالتواطؤ في "الإبادة"، وتعهدات من نشطاء بعدم التصويت لها.
وتعترف: "لم تكن القضية ثنائية، لكن نتيجة الانتخابات كانت كذلك"، في إشارة إلى خسارتها الدعم الحاسم في ولايات مثل ميشيغان.
وترصد هاريس كيف طغت غزة على سباقها الرئاسي، حتى في لحظات اختيار نائبتها؛ فبينما كانت تبحث عن شريك انتخابي، اغتالت إسرائيل إسماعيل هنية في طهران، لتعود الأزمة الشرق أوسطية إلى قلب حملتها.
وتروي أن مشرّعين ديمقراطيين ضغطوا عليها لتشديد خطابها تجاه إسرائيل، بل والدعوة إلى حظر أسلحة عنها.
وفي لحظة صدق نادرة، تقرّ هاريس بأن ظهورها في برنامج "ذا فيو" في أكتوبر/تشرين الأول 2024، حين قالت إنها لم تكن لتفعل شيئًا مختلفًا عن بايدن، كان نقطة انهيار. فقد أراد الناخبون منها موقفا أكثر حدة واستقلالية، لكنهم لم يجدوه.
وبحسب الكتاب، كشفت استطلاعات ما بعد الانتخابات أن السبب الأول لرفض ناخبي بايدن السابقين التصويت لها لم يكن الاقتصاد أو الهجرة أو الإجهاض، بل "إنهاء عنف إسرائيل في غزة".
وبهذا، ترسم مذكرات هاريس صورة قاتمة: حرب غزة لم تُقسّم فقط الشرق الأوسط، بل شطرت أيضا قلب السياسة الأمريكية، وأسقطت واحدة من أبرز الشخصيات الديمقراطية في معركة البيت الأبيض.