أثارت التسريبات الأخيرة حول احتمال انتقال قادة من حركة حماس إلى تونس نقاشاً واسعاً، رغم غياب أي تأكيد رسمي من السلطات. هذه الفرضية التي برزت بالتزامن مع تصاعد التوترات في غزة وضعت تونس في قلب جدل استراتيجي يربط بين الأمن الإقليمي والتوازنات الدبلوماسية والمصالح الوطنية.
الخبير الأوروبي كلاوديو بيرتولوتي، المتخصص في قضايا التطرف والإرهاب والرئيس السابق لقسم مكافحة التجسس في حلف الناتو بأفغانستان، قدّم مقاربة تحليلية لسيناريو قد يبدو نظرياً لكنه محمّل بالانعكاسات. فهو يرى أن الغرب سينظر بقلق بالغ إلى استضافة تونس لقيادات حماس، ولن يقبل بها إلا في حال ربطها بتسوية سياسية تشمل إطلاق سراح رهائن ونبذ العمل المسلح. أما في غير ذلك، فسيكون الموقف الغربي سلبياً خاصة مع تزايد مؤشرات التقارب بين تونس وإيران.
من زاوية أخرى، يشدد بيرتولوتي على أن قادة حماس سيبقون أهدافاً مباشرة لإسرائيل أينما وُجدوا، وهو ما يجعل أي استضافة لهم محفوفة بالمخاطر الأمنية. ويذكّر بأن انتقال منظمة التحرير الفلسطينية إلى تونس عام 1982 كان في سياق مختلف تماماً، إذ كان ياسر عرفات يسعى آنذاك إلى تطبيع علاقاته مع المجتمع الدولي، بينما تظل حماس اليوم مصنفة كمنظمة إرهابية لدى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتفتقر إلى أي شرعية دبلوماسية.
على الصعيد الدبلوماسي، يحذر بيرتولوتي من أن الترحيب بقيادات حماس قد يعرض تونس لعقوبات محتملة ويهدد تعاونها المثمر مع شركائها الغربيين، خصوصاً في ملفات المساعدات المالية والاستثمارات الأجنبية. داخلياً، يعتبر أن اللاجئين الفلسطينيين قد يشكلون بيئة قابلة للتأثر بخطاب حماس، وهو ما قد يفتح الباب أمام الدعاية وجمع التبرعات، فيما تبقى احتمالات التجنيد الواسع بين المهاجرين الأفارقة ضعيفة. غير أن الخطر الحقيقي، وفق تقديره، يكمن في إمكانية استغلال الحركة لشبكات تهريب المهاجرين كقنوات تمويل أو لوجستية.
بناءا على ما سبق ذكره ان مجرد تداول فكرة استضافة قادة حماس يكفي لوضع تونس أمام معادلة دقيقة: من جهة التزاماتها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، ومن جهة أخرى حساباتها الواقعية المرتبطة بأمنها الداخلي وبحاجتها إلى استمرار شراكاتها الدولية في ظرف اقتصادي حساس.
شمس اليوم نيوز