لم تكن الاشتباكات العنيفة التي اندلعت في منطقة جبل العوينات، جنوب شرق مدينة الكفرة على الحدود بين السودان وليبيا مجرد حادث أمني عابر، بل جاءت كإشارة خطيرة إلى عمق التوتر القائم على الحدود.
وأفادت تقارير إعلامية سودانية، بأن الاشتباكات دارت بين "القوة المشتركة" التابعة للحركات المسلحة السودانية المتحالفة مع الجيش السوداني، وكتيبة "سبل السلام" التابعة للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، ما أدى إلى سقوط قتلى وأسرى من الجانبين.
وفقاً لموقع "دارفور24" نقلا عن مصادر متطابقة، تمركزت كتيبة "سبل السلام" نهاية الأسبوع الماضي في منفذ العوينات البري، مما أثار توترا على الحدود المشتركة، في وقت لم تعلق القيادة العامة للجيش الليبي على هذه الأنباء.
ونقل الموقع عن مصدر عسكري سوداني في القوة المشتركة للحركات المسلحة قوله إن "القوات الليبية توغلت داخل الأراضي السودانية لمسافة تزيد عن ثلاثة كيلومترات قرب جبل العوينات، وهو ما دفع القوة للتدخل الفوري وصد التوغل". وأكد المصدر سقوط قتلى وأسر جندي واحد من صفوف القوة المشتركة. دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
وتنشط القوات المشتركة في صحراء شمال البلاد، وهي منطقة تقع قرب الحدود الليبية، وتقول إنها تعمل على إغلاق مسارات تعتمد عليها قوات الدعم السريع على الأسلحة والعتاد.
وتتحالف القوات المشتركة مع الجيش في الحرب ضد قوات الدعم السريع، وساعدت هذه القوات الجيش السوداني في الحفاظ على مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، كما شاركت في العمليات العسكرية بالعاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة.
وتأتي هذه التطورات بعد نحو شهر من قرار السلطات الليبية إغلاق الحدود البرية مع السودان، عقب حادثة اختطاف ثلاثة مواطنين ليبيين. وشمل القرار أيضًا منع دخول اللاجئين السودانيين وتعليق حركة المعابر التجارية، وهو ما ساهم في زيادة حدة التوتر في المناطق الحدودية، ودفع بالأمور نحو التصعيد العسكري.
ويخضع المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر لسيطرة الجيش السوداني والقوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على مناطق واسعة من الصحراء الشمالية لدارفور وصولاً إلى تخوم بادية الزرق.
والصدام في جبل العوينات لا يمكن فصله عن السياق الأوسع للحرب المشتعلة في السودان، فقد أعلنت قوات الجيش الشعبي بقيادة عبالعزيز الحلو وقوات الدعم السريع سيطرتهما على منطقة أم دحيليب بولاية جنوب كردفان، في تصعيد جديد للتحالف العسكري بين الطرفين تحت مظلة ما يُعرف بـ"السودان التأسيسي".
وهذا التحالف خلط أوراق المعركة، خصوصا مع تراجع الجيش السوداني في ولايتي جنوب وغرب كردفان خلال الأسابيع الأخيرة، وتقدّم القوات المتحالفة نحو مدينة الأبيض، العاصمة الاستراتيجية لشمال كردفان