وصفت صحيفة فايننشال تايمز صمت الغرب والولايات المتحدة، على ما يفعله الاحتلال بسكان قطاع غزة، بـ”المخزي”، وقالت إنّ كارثة جديدة ستحل بالسكان، بسبب ائتلاف نتنياهو المتطرّف.
وأوضحت هيئة تحرير الصحيفة، أنّ الهجمات المتتالية على سكان غزة الذين يعانون من كارثة، تجعل من الصعب عدم الظن أنّ الهدف النهائي لائتلاف نتنياهو المتطرف، هو ضمان أن تصبح غزة غير قابلة للحياة، وإخراج الفلسطينيين من أرضهم عنوة.
وأضافت: “مع ذلك فإنّ الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية التي تتخذ من إسرائيل حليفا لها، وتزعم أنها تشترك معها في القيم، لم تصدر عنها عبارة تنديد واحدة. عليهم أن يخجلوا من صمتهم، ويجب عليهم الكف عن تمكين نتنياهو من التصرف في مأمن من العقاب”.
وجاء في المقال: “بعد تسعة عشر شهرا من الصراع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين ونجم عنه توجيه اتهامات لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب، ها هو بنيامين نتنياهو يعد العدة مرة أخرى لتصعيد هجوم إسرائيل في غزة.
وتابع: “تضع الخطة الأخيرة إسرائيل على مسار الاحتلال الكامل للأرض الفلسطينية، ومن شأنها أن تدفع بأهل غزة نحو جيوب أضيق فأضيق من القطاع المدمر. ولسوف تؤدي إلى المزيد من القصف المكثف وإلى قيام القوات الإسرائيلية بإخلاء المنطقة التي تحتلها بينما تدمر ما تبقى في غزة من منشآت قليلة”.
واعتبر المقال أنّ ذلك سيكون كارثة أخرى تحلّ بسكان غزة الذين يعدّون 2.2 مليون نسمة، والذين يخضعون لما لا يمكن وصفه من المعاناة.
وقال كاتب المقال: “كل هجوم جديد يجعل من الصعب عدم الظن بأن الهدف النهائي لائتلاف نتنياهو اليميني المتطرف هو ضمان أن تصبح غزة غير قابلة للحياة وإخراج الفلسطينيين عنوة من أرضهم”.
وأضاف: “لقد سدت إسرائيل على مدى شهرين السبل في وجه جميع المساعدات وحالت دون وصولها إلى القطاع، وباتت معدلات سوء التغذية بين الأطفال في ارتفاع مضطرد، وتكاد المستشفيات القليلة التي ما زالت تعمل تخلو تماما من الأدوية، بينما ترتفع الأصوات محذرة من المجاعة وانتشار الأمراض”.
ودعا صاحب المقال الدول الغربيّة إلى الخجل قائلا: “ومع ذلك فإن الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية التي تتخذ من إسرائيل حليفا لها، وتزعم أنها تشترك معها في القيم، لم تصدر عنها عبارة تنديد واحدة. عليهم أن يخجلوا من صمتهم، ويجب عليهم الكف عن تمكين نتنياهو من التصرف في مأمن من العقاب”.
ولفت المقال إلى أنّ دونالد ترامب أقرّ، بعبارات مقتضبة يوم الأحد، بأن أهل غزة “يتضوّرون جوعا”.
واقترح بأن تقوم الولايات المتحدة بالمساعدة في إيصال الطعام إلى القطاع. ولكن لم يصدر حتى الآن عن رئيس الولايات المتحدة إلّا ما يشجع نتنياهو ويجرئه.
عاد ترامب إلى البيت الأبيض متعهّدا بإنهاء الحرب في غزة بعد أن ساعد فريقه في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين “إسرائيل” وحماس في جانفي.
ووافقت حماس بموجب الصفقة على إطلاق سراح الرهائن على مرحلتين، بينما كان يفترض أن تنسحب قوّات الاحتلال من غزة، وأن يتوصّل الخصمان إلى وقف إطلاق دائم.
ولكن خلال أسابيع من بدء سريان وقف إطلاق النار، أعلن ترامب خطته المثيرة للعجب لإخلاء غزة من الفلسطينيين تمهيدا لوضع الولايات المتحدة يدها عليها. ثم في شهر مارس أسقط الكيان المحتلّ وقف إطلاق النار وراحت بدعم من واشنطن تسعى إلى تغيير بنود الاتفاق، وفق مقال الصحيفة.
وتابع: “صرح كبار المسؤولين الإسرائيليين منذ ذلك الوقت بأنهم ينفّذون خطة نتنياهو لنقل الفلسطينيين من غزة”.
والاثنين، قال وزير المالية اليميني المتطرف بيزاليل سموتريتش: “وأخيرا سوف نقوم باحتلال قطاع غزة”.
ويصر نتنياهو على أنّ الهجوم الموسع بات ضروريا من أجل تدمير حماس وتحرير 59 رهينة. والحقيقة هي أنّ رئيس الوزراء لم يخرج بخطة واضحة المعالم منذ بدء الحرب التي أشعلها هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023 والذي قتل فيه 1200 شخص.
بدلا من ذلك، لا تراه يكف عن تكرار شعاره الذي لا يتنازل عنه، ألا وهو “النصر التام”، بينما يسعى إلى إرضاء حلفائه المتطرّفين من أجل ضمان بقاء ائتلافه الحكومي.
ولكن الاحتلال أيضا يدفع ثمنا مقابل أفعاله. فالهجوم الموسّع من شأنه أن يخاطر بحياة الرهائن، ويزيد من تقويض سمعة إسرائيل الملوثة أصلا، ويعمّق الانقسامات الداخلية، وفق الصحيفة.
وقال كاتب المقال: “صرّحت إسرائيل بأن العملية الموسعة لن تبدأ إلا بعد زيارة ترامب إلى منطقة الخليج الأسبوع المقبل، وقالت إنّ ثمة “نافذة” أمام حماس لإطلاق سراح الرهائن مقابل وقف مؤقت لإطلاق النار”.
وأضاف: “يستشاط الزعماء العرب غضبا إزاء إصرار نتنياهو على الاستمرار في شن الحرب بلا هوادة على غزة، ومع ذلك سوف يرحبون بترامب ويقيمون له الاحتفالات الباذخة، ويقدمون له التعهدات بإنفاق مليارات الدولارات على الاستثمار وعلى صفقات السلاح”.
حينما يتحدث ترامب مع مضيفيه الخليجيين سوف يضع اللوم على حماس. فالهجوم القاتل الذي شنته المجموعة يوم السابع من أكتوبر هو الذي أطلق العنان للهجوم الإسرائيلي، وفق الصحيفة.
وتابعت: “توافق دول الخليج على أن استمرار حماس في الإمساك بمقاليد الأمور في غزة عامل من العوامل التي تطيل أمد الحرب. ولكن يجب عليهم أن يتصدوا لترامب وأن يقنعوه بأن يضغط على نتنياهو حتى يوقف القتل ويرفع الحصار ويعود إلى المحادثات”.
ويختم الكاتب مقاله بالقول: “لا ريب في أنّ حالة الارتباك العالمي التي أثارها ترامب قد شغلت الناس عن الانتباه إلى النكبة التي تحل بغزة. ولكن كلما طال أمد هذه النكبة، زاد تواطؤ الصامتين أو الذين يُجبرون على السكوت”.