ورغم مرور عشرة أيام على “طوفان الأقصى” وتوالي التهديد والوعيد بمواصلة حمام الدم في قطاع غزة وبالقتل والتدمير، ورغم اكتمال الاستعدادات العملياتية واللوجستية، تتأخر الحملة البرية، وهذا محطّ تساؤلات إسرائيلية أيضا.
يبدو أن جملة اعتبارات وحسابات متداخلة تقف خلف تأخّر الاجتياح البري الذي أعلنت إسرائيل التزامها به، وقيّدت ذاتها دون حفظ خط رجعة. من هذه الاعتبارات، رغبة إسرائيل في التثبت من أن حزب الله ورغم التسخين اليومي، لن يبادر لإشعال الجبهة الشمالية وجرّها لحرب جديدة موجعة ومكلفة، تزامنا مع الحرب على غزة، وهذا ما لا تريده إسرائيل، خاصة أن إيران تهدّد هي الأخرى بعدم البقاء مكتوفة الأيدي في حال استمرت المذابح وتجاوز الخطوط الحمر داخل القطاع.
تجلى ذلك بين كلمات تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، اعتبرها مراقبون إسرائيلية مستهجنة، وتعكس ضعفا وفيها هدّد حماس بحرب دقيقة وقاتلة تغّير الواقع للأبد، ثم توجّه لحزب الله بالقول: “لسنا معنيين بتصعيد في جبهة الشمال، ولكن إذا بادر أحد لاختبارنا فيها سنرد كما نرّد هنا في الجنوب مع الوحوش الآدمية التي تدعى حماس، وإذا قام حزب الله بضبط نفسه، سنحترم ذلك” على حد تعبيره.
ومن غير المستبعد أن تكون لدى إسرائيل ضمن حساباتها في تأخير الحملة البرية، رغبة بالتثبت من مواقع الأسرى الإسرائيليين في القطاع قبل الاجتياح البري، على أمل تحريرهم بمفاوضات أو عنوة أو من أجل تحاشي المساس بهم خلال الاشتباكات البرية.
منذ عدة أيام يؤكد عدد من القادة الإسرائيليين، جاهزية إسرائيل من كل النواحي لخوض حربين وأكثر في نفس الوقت، لكن الوقائع على الأرض وتجارب الماضي تدلل على أن هذه مغامرة خطيرة بالنسبة لها، وحتى لو كانت قادرة، فإن مصلحتها تقتضي بتحاشيها، وهذا ما دفع الجيش للقول: “أعطونا فرصة إنهاء المهمة في غزة أولا”، وفق ما كشفت عنه صحيفة “هآرتس” العبرية.