وصف المدون

عاجل الأن

 

 


في أحدث تصريحات أمريكية تخصّ الوضع السياسي بتونس.. قال وزير الدفاع الأمريكي "لويد أوستن" إن أفريقيا تواجه تحديات متعدّدة على مختلف الجبهات.. محذرا من تدخل روسي بالقارة السمراء.. ومن تآكل الديمقراطية في تونس. تصريح أوستن جاء خلال مراسم تغيير القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا المعروفة باسم "أفريكوم".. والتي ترتبط بتعاون عسكري وثيق مع تونس.. ماضيا وحاضرا.. - وتابع وزير الدفاع الأمريكي بقوله: “أفريكوم تعمل مع الخارجية وغيرها من المؤسسات من أجل مساعدة شركائنا في دحر الإرهاب ومكافحة كوفيد-19.. ودعم مزيد من الجهود لجعل أفريقيا أكثر أمنا.. وإطلاق العنان للفرص وبناء مؤسسات ديمقراطية أقوى لتأمين مصالح الشعوب”. وأضاف قائلا: “العمل ليس سهلا عبر أفريقيا.. لكننا ندعم الديمقراطية والحرية وزيادة القوانين مما يساعد على محاربة الفساد والفوضى”. - وقال أوستن إنه في “كل مكان بأفريقيا نرى المزيد من التهديدات للديمقراطية”.. مضيفا: “نشعر بهذا الأمر في تونس بعد أن ألهم الشعب التونسي العالم في المطالبة بالحرية.. والآن هذا الأمر مهدّد والولايات المتحدة ملتزمة بدعم تونس التي تحاول الوصول لديمقراطية مفتوحة وشاملة”. وقال أوستن إن “الأنظمة تحاول قمع رغبة الشعوب وبعض الأنظمة العسكرية الأفريقية تحاول الإطاحة بالحكومة.. إنّ الجيوش عليها القيام بدورها الشرعي وحماية الحريات والحقوق الإنسانية والدفاع عن سيادة القانون بدلا من المساعدة في الفساد حيث يزداد الاستبداد في العالم”. - تصريح وزير الدفاع الأمريكي يأتي بعد حوالي أسبوعين من تصريح لوزير الخارجية الأمريكي اعتبر فيه أنّ الاستفتاء على الدستور الجديد لم يعكس إرادة شعبية واسعة.. وانتقد المسار غير الديمقراطي في تونس.. وقال بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستعمل مع شركائها الدوليين على حماية الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان والعملية الانتخابية في تونس.. وربط تلميحا لكن بوضوح بين تحقيق ذلك وبين المساعدات الاقتصادية لبلادنا.. كما أدلى السفير الأمريكي الجديد المعيّن بتونس بتصريحات مماثلة أمام الكونغرس الأمريكي.. وألمح إلى ضرورة أن يقوم الجيش التونسي بدوره في حماية المؤسّسات وحقوق الإنسان والحريات.. واثارت تلك التصريحات حفيظة الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي انتقدها علنا وبعصبيّة.. واعتبرها تدخّلا في الشأن الداخلي التونسي.. في حين استدعى وزير الخارجية القائمة بأعمال السفارة الأمريكية في تونس لمناقشتها حول تلك التصريحات.. 

وابدت بعض الأطراف السياسية ومنظمات المجتمع المدني استنكارها لتلك التصريحات الأمريكية واعتبرتها محاولة انتهاك للسيادة التونسية.. - الملاحظ من تصريحات وزير الدفاع الأمريكي الجديدة في ما يخصّ تونس ما يلي

1 - أنّها تعكس استمرار عدم الرضاء الأمريكي على التغيير السياسي الذي يقوده قيس سعيّد.. برغم الاستفتاء على الدستور الجديد.. واعتبارها بأنه يكرّس مسارا غير ديمقراطي بالبلاد

2 - أنّ انتقال التصريحات التي تخصّ الوضع السياسي في تونس من وزارة الخارجية الأمريكية إلى وزارة الدفاع الأمريكيّة.. يعني دلالات عن كون الوضع في تونسي يكتسي بالنسبة للولايات المتحدة بعدا دفاعيّا يتعلّق بأمنها القومي الشامل.. وبالوضع العالمي ومصالح أمريكا الحيويّة على المستوى الدولي.. 

3 - أنّ ربط الولايات المتحدة بين الوضع السياسي في تونس وبين الوضع العام في أفريقيا في ما يخصّ تآكل وتراجع الديمقراطيات بالمنطقة.. يعكس قلقا أمريكيا يتقاطع مع ما عبّر عنه وزير دفاعها من كون بعض القوى تحاول السيطرة على أفريقيا وعرقلة علاقتها المتميزة مع الولايات المتحدة.. في اتهام لروسيا أساسا وربّما تلميحا للصين أيضا.. وهي البلدان الكبرى والمؤثّرة التي تعتبرها الولايات المتحدة أنظمة استبدادية غير ديمقراطية.. وترى ضمن إستراتيجية أوسع بأن نشر وتقوية ودعم وحماية الأنظمة الديمقراطية هو أفضل وسائل مقاومة للامتداد الروسي والصيني في العالم..

 4 - أنّ تصريح وزير الدفاع الأمريكي عن أنّ "الجيوش في إفريقيا عليها القيام بدورها الشرعي وحماية الحريات والحقوق الإنسانية والدفاع عن سيادة القانون بدلا من المساعدة في الفساد حيث يزداد الاستبداد في العالم”.. فيه تلميح صريح بضرورة أن لا تلعب الجيوش في البلدان الأفريقية (بما في ذلك تونس بحسب ذلك المعنى) دورا في دعم الحكّام غير الديمقراطيين ولا الانقلابات.. وأن تقوم على العكس بدور إيجابي في حماية دولة القانون والمؤسّسات والحريات وحقوق الإنسان..

 5 - أنّ مثل هذا التصريح عن دوى الجيوش في حماية الديمقراطية يتقاطع مع التصريحات السابق للسفير الأمريكي الجديد بتونس أمام الكونغرس الأمريكي حول ضرورة أن تلعب المؤسّسة العسكرية التونسية دورا ايجابيا في حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان بتونس.. وأنّ الولايات المتحدة ستعمل على ذلك.. وهو ما يعني شبه دعوة للجيش التونسي للعب دور إيجابي في عدم انحراف تونس عن النظام الديمقراطي بحسب الرؤية الأمريكية..

 6 - أنّ التصريحات الأمريكية المتعلقة بالوضع السياسي في تونس بدت وكانها تشهد تغييرا في المقاربة الأمريكية من المستوى السياسي إلى المستوى العسكري.. ومن التركيز على دور للقوى السياسية بتونس في إنهاء مسار قيس سعيد غير الديمقراطي.. إلى ما يظهر وكأنّه تلميح أمريكي بضرورة لعب المؤسّسة العسكريّة التونسيّة ما تعتبره دورا "شرعيّا" في الدفاع عن الديمقراطية وحمايتها كما قال وزير الدفاع الأمريكي.. ناهيك وأنّ السفير الأمريكي تحدّث عن سعي بلاده للتعاون مع جيش بلادنا في هذا المجال..!!! 

7 - أنّ سياق تصريحات السفير الأمريكي الجديد جاءت أمام الكونغرس الأمريكي.. باعتبار ضرورة مصادقته على تعيينه بتونس.. وهو ما يعكس أن أقواله التي أثارت غضب الرئيس التونسي هي في الحقيقة بمثابة برنامج عمل السفير الأمريكي الجديد ببلادنا طبق ماهو مكلّف به من وزارة الخارجية الامريكية ...وليس مجرد راي شخصي .

الناشط السياسي عبد اللطيف بودربالة 

إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع

Back to top button

يمكنكم متابعتنا

يمكنكم متابعتنا