وصف المدون

عاجل الأن

 



 

ما حقيقة اتفاقية المطاردة الساخنة التي وقعها نظام صدام مع تركيا وهل تم تجديدها بعد سقوطه؟ وكيف أثبت  بعض الساسة العرب أنهم لا يقلّون انحطاطا وتبعية لدول الجوار عن بعض شركائهم قال الناطق باسم الخارجية العراقية يوم أمس ضمن تعليقه على نفي تركيا لمسؤوليتها عن القصف المدفعي على مصيف برخ في محافظة دهوك العراقية، والذي أدى إلى سقوط العشرات من السياح العراقيين بين قتيل وجريح "إن النفي التركي هو مزحة سوداء وما تقوله تركيا من أن هناك اتفاقية تسمح لها بالتوغل في العراق غير صحيح، إذ إن هناك فقط محضر اجتماع أبرمته أنقرة مع النظام السابق، والمحضر رغم ذلك يلزمها بأن تطلب إذن الحكومة العراقية وأن لا يتجاوز التوغل 5 كم، وهم لم يلتزموا بالمحضر ذاته"، وكلام هذا المسؤول لا يخلو من شيء من الصحة، وتزعم مصادر أخرى أن هذه الاتفاقية تسمح للقوات التركية بالتوغل لمسافة أكثر من ثلاثين كلم. فما حقيقة الأمر؟

*في سنة 1983، وخلال الحرب العراقية الإيرانية وقع العراق وتركيا اتفاقية تدعى "اتفاقية التعاون وأمن الحدود" فتح الباب امام القوات التركية لاختراق الأراضي العراقية لمطاردة وقتال قوات حزب العمال الكردستاني في تركيا وفي سنة 1984 وقع البلدان بروتوكولا يسمح للقوات التركية بالتوغل عبر الحدود العراقية إلى عمق 5 كيلومترات من دون إبلاغ السلطات العراقية، ويسمح للقوات العراقية بالحق نفسه داخل الأراضي التركية. وقد توغلت القوات التركية في الأراضي الحدود وقامت تركيا بالملاحقة الساخنة ونظّمت عملياتٍ خارج حدودها في أوقاتٍ متفرقةٍ، ولكن القوات العراقية لم تستعمل حقها في الملاحقة الساخنة ضد الجماعات الكردية التي تجاوزت حدود تركيا بسبب انشغال العراق بالحرب ضد إيران.

ناك مصادر أخرى تقول إن مسافة المطاردة الساخنة تصل إلى عشرة كم على جانبي الحدود وبشرط إبلاغ كل طرف الطرف الآخر قبل قيامه بعملية المطاردة  .

عمليا استمرت تركيا بعد احتلال العراق وسقوط النظام باختراق الحدود والتوغل لمسافات بعيدة تصل إلى أكثر من خمسين كلم ووصلت إلى مشارف بعض المدن العراقية الكبيرة مثل دهوك وزاخو وصورت وسائل الإعلام العالمية طوابير الدبابات والعربات التركية وأفرادها داخل العراق دون أن يحتج نظام الحكم الجديد في العراق

. *وفي السابع من آب سنة 2007، وقع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مع رئيس الحكومة التركية آنذاك رجب طيب أردوغان وثيقة يفترض أن تؤدي إلى اتفاق يتعلق حصرا بمكافحة حزب العمال الكردستاني في العراق. وبعد شهرين من هذا التاريخ زار وزير الداخلية العراقي آنذاك جواد البولاني تركيا مع وفد أمني لوضع التفاصيل الإجرائية والفنية لاتفاقية جديدة وبعد ثلاثة أيام من المفاوضات الشاقة رفض العراق تحديد عمق محدد لتوغل القوات التركية وتم توقيع الاتفاقية بعد حذف البند الخاص في تحديد مسافة حق المطاردة الساخنة "التوغل داخل العراق". *وفي سنة 2014، وخلال تمرد داعش التكفيري وسيطرته على أجزاء واسعة من شمال العراق، زار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تركيا "واتفق الطرفان على التعاون العسكري، لا سيما في ما يتعلق بتدريب قوات الأمن العراقية في تركيا وتجهيزها. وقال مراسل الجزيرة إن قوائم في هذا الإطار قد قُدمت من الجانب العراقي. وتمخض اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين عن تفاهمات للتعاون والاستثمار في مجالات المياه والطاقة والتنمية المختلفة. وأعلن العبادي البدء في تصدير خمسمائة ألف برميل نفط يوميا عبر الأراضي التركية والاتفاق على زيادة الكمية تدريجيا". ولم يذكر شيء عن موضوع المطاردة الساخنة، وهل وقع العبادي على اتفاقية سرية بهذا الخصوص أم لا؟

هذا كل ما يتعلق بموضوع المطاردة الساخنة ونشر في الإعلام ومنه نفهم أن ما يقال عن وجود اتفاقية تعطي الحق لتركيا بالتوغل في الأراضي العراقية لأكثر من ثلاثين كلم لا صحة له فليست هناك اتفاقية بل بروتوكول أو مذكرة حددت المسافة بين خمسة وعشرة كم لقوات كلا البلدين بشرط الإبلاغ عن ذلك والبعض يقول بلا شرط.

إن إلغاء هذه الاتفاقية بعد سلسلة المجازر التي وثقناها في المنشور السابق وآخرها مجزرة "مصيف برخ" في دهوك التي ارتكبتها القوات التركية أصبح مطلبا جماهيريا وسياسيا وأخلاقيا يجب على مجلس النواب أن يتخذه فورا ودون تردد وإلا فأنه سيضع نفسه موضع الاتهام بالتواطؤ مع القوات التركية التي قتلت العراقيين الأبرياء على أرض وطنهم. أما إذا رفض بعض النواب التابعين والانتهازيين من حلفاء تركيا إلغاء هذا البروتوكول فسيفضحون أنفسهم امام الشعب!

وفي هذا السياق فقد كشفت مجزرة مصيف برخ عن أن بعض الساسة من العرب السنة ليسوا أقل انحطاطا سياسيا وتبعية لدول الجوار من بعض شركائهم في نهب وتدمير العراق من الساسة الشيعة والكرد. فرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي أصدر بيانا واهياً خلا من أية إدانة للطرف المعتدي الذي ارتكب الجريمة حتى دون ذكر اسمه، واعتبر أن دماء العراقيين الذين قتلوا جاءت ضمن "عملية تصفية حسابات" سياسية! أما حليفه خميس الخنجر رئيس تحالف "عزم" فقد أصدر بيانا معيبا جدا كرر فيه مزاعم الإعلام التركي واتهم ما سماها "مافيات الإرهاب" بارتكاب المجزرة وانتقد الحكومة العراقية لأنها "تقف عاجزة عن ردع المجموعات الإرهابية التي تتسبب بكل هذه المآسي"، وهذا كلام يخجل من مجرد التفكير به الإنسان السوي! أما النائب السابق عمر عبد الستار محمود فقد بزَّ صاحبيه في التفاهة ومساندة قتلة العراقيين الأبرياء حين تبنى خطاب الإعلام الحكومي التركي وتفوق عليه واتهم قوات البي كاكا وحدد حتى نوع السلاح الذي استخدمته هذه القوات. وقد نشرت وكالة أنباء تركيا / الرابط 1 كلامه وزادت عليه كذبة فجة أخرى قالت فيها أن مصدرا أمنيا رفيعا عراقيا - لم تذكر اسمه - قال لها إن تنظيم بي كا كا هو الذي استهدف السياح العراقيين في مصيف برخ، فهل قرأتم أي تصريح كهذا في الإعلام العراقي!

 

 

الدكتور علاء اللامي- العراق-

إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع

Back to top button

يمكنكم متابعتنا

يمكنكم متابعتنا