وصف المدون

أخبار عاجلة




تتوقع منظمة الفاو العالمية التابعة للأمم المتحدة تراجعًا كبيرًا في إنتاج القمح خلال موسم 2022 بالإضافة إلى تراجع مخزوناته عالميًا، الأمر الذي سيزيد من ارتفاع سعره، فالقمح يعد من أهم الموارد الغذائية التي تعيش عليها دول العالم، ففي هذا الإطار يعد الوطن العربي المستهلك لربع الإنتاج العالمي من القمح الذي على أساسه يصنع أهم غذاء وهو الخبز، ونأتي هنا لخصوصية ليبيا حيث تعد واحدة من الدول المصدرة للنفط مثل السعودية والإمارات والجزائر والعراق، التي بإمكانها تقليص أو سد استيرادها من الحبوب وعلى رأسها القمح على مراحل ذات مدى أطول نسبيا، طبعا هذا في حال استقرار هذه الدول سياسيا وأمنيا، والأمر مختلف في دول كلبنان وتونس والمغرب والسودان وسوريا التي لها خصوصيتها من حيث اعتمادها على السياحة والزيادات المالية على الموازنات... إلخ، حيث وصلت قيمة المستوردات من القمح للدول العربية حوالي 100 مليار دولار خلال الموسم الماضي، وهذه نقلة كبيرة سجلت في أسعار القمح عن السنوات التي قبلها وارتفاع مفاجئ وصادم، فالقمح مورد يضاهي النفط في استراتيجيته الاقتصادية، فهو يعد الغذاء الرئيسي لمعظم سكان العالم وخاصة دول العالم الثالث.

 وعليه تقوم الثورات على غرار ثورة الخبز التي أشعلت النار في الهشيم في ثمانينيات القرن الماضي في تونس والجزائر ومصر والأردن، حيث خرج العمال باختلاف حرفهم ضد الحكومات العربية، ورمزية انتفاضتهم كانت الخبز.

اليوم نحن أمام صراع عالمي بين أكبر الأقطاب قوة، بين أمريكا وروسيا، والضحية الحقيقية هي أوكرانيا، والتي لها علاقة بوجودنا الغذائي، فالخبز الذي نأكله ويغذينا نحن سكان الجنوب المستهلك يجعلها ليست الضحية الوحيدة في الحرب، بل نحن أيضا ضحايا أنفسنا، فالشعوب التي تأكل من وراء بحارها ولا تولي لمشاريع التنمية المستدامة أي اعتبار، لا تستحق الشفقة، فموجة ارتفاع الطلب على السلع الأساسية عالميا اليوم أهمها الحبوب، وأزمة سلاسل التوريد تضع بلادنا بين مطرقة إبرام العقود والصفقات الجديدة وسندان فواتير الشراء، فاتساع دائرة أزمة الطاقة والتي تلقي بالمزيد من الأحمال على كاهل تكاليف الاستيراد في مختلف القطاعات لا سيما الغذائية، مقترنة بإنتاجنا من النفط الذي أصبح يشكل خطرا حقيقيا على غذائنا، كان يجب عدم الاعتماد على عقود قديمة كان قد أبرمها النظام السابق، عندما كانت دولة مستقرة والتي انتهت وأصبح الاستيراد بالآجل يثقل كاهل خزينة الدولة المنهوبة، وهنا المعضلة.

أن البلاد تعتمد وبشكل شبه كامل في غذائها على الواردات التي أصبحت ليست في متناول مال الليبيين، والكارثة أننا نستورد شهريًا 110 آلاف طن من الغذاء، من بينها الحبوب، فليبيا وحدها تستهلك 43 % من إجمالي صادرات أوكرانيا من القمح حسب الإحصاءات الأخيرة، وفي حال دخول الأخيرة في حرب، فأول تداعياتها انخفاض مستوى التصدير للقمح والذي ينتج عنه فرار المزارعين، مما سيؤدي لإيقاف التصدير وانهيار البنية التحتية، ويصبح إبرام العقود الجديدة مع دول أخرى يستوجب وجود دولة ذات سيادة وذات حكومة مستقرة تكفل حقوق الدولة المصدرة، وهذا ما تفتقده ليبيًا في ظل الفوضى ولعب المسؤولين بقوت المواطن الليبي الذي أصبح المعني الأول بالحرب على أوكرانيا.


عفاف الفرجاني


Back to top button